لماذا يلتصق قطّي بي إلى هذا الحد؟
رغم أن القطط تُعرف باستقلاليتها، إلا أن الكثير من محبّي القطط يلاحظون لحظات من التقرّب الشديد قد تصل أحياناً إلى الالتصاق الدائم. فما الذي يدفع قطك لأن يكون كائناً “ملتصقاً” يحب العناق والمداعبة على مدار الساعة؟ في السطور التالية، نستعرض العوامل البيولوجية والسلوكية والبيئية التي تجعل بعض القطط أكثر مودة من غيرها، مع نصائح عملية للحفاظ على علاقة صحية ومتوازنة بينك وبين صديقك المكسو بالفراء.

طبيعة القطط: بين الاستقلالية والاجتماعية
على عكس الاعتقاد الشائع، القطط ليست دائماً كائنات انفرادية. فالكثير من الدراسات تشير إلى أن القطط المنزلية تعيش في مستعمرات مرنة تتغيّر بنيتها الاجتماعية وفقاً لتوافر الموارد. لذلك، قد يتبنى قطك سلوكاً اجتماعياً قائماً على العناق والتقرب إذا وجد أن ذلك يؤمّن له الشعور بالأمان والراحة.
الأسباب العلمية وراء حب القطط للعناق
1. التنشئة المبكرة والتواصل مع البشر
الفترة الممتدة من الأسبوع الثاني إلى السابع من عمر القطة تُعرف باسم “فترة الحساسية الاجتماعية”، وفيها يتأثر سلوك القطة المستقبلي بشكل كبير. القطط التي تتعرض لمداعبات لطيفة وأصوات بشرية إيجابية خلال هذه الفترة تميل لأن تكون أكثر حناناً وعناقاً لاحقاً.

2. السلالة والجينات
بعض السلالات تمتلك استعداداً وراثياً للودّ المفرط، مثل الراغدول والبورمي والماين كون. هذه السلالات طُورت تاريخياً لتكون رفقة منزلية، ما جعل الجينات المسؤولة عن الهدوء والرغبة في التواصل البشري أكثر بروزاً.

3. البحث عن الدفء والراحة
درجة حرارة جسم القطة أعلى قليلاً من درجة حرارة الإنسان، وعندما تشعر بالبرد، تختار غالباً صدرك أو حجرك للحصول على الدفء. لذلك تزداد cuddling في ليالي الشتاء الباردة أو عند انخفاض درجات الحرارة في المنزل.

4. الثقة وتبادل الفيرومونات
تمتلك القطط غُدداً رائحة في وجنتيها وجبهتها. عند احتكاكها بك، فهي تطبع عليك فيروموناتها لتعلن أنك جزء من محيطها الآمن. هذا الاحتكاك دليل ثقة عميق يجعل القطة تشعر بالراحة والاسترخاء.
5. التعقيم والتغيرات الهرمونية
بعد عملية التعقيم أو الإخصاء، تنخفض نسبة الهرمونات المرتبطة بالسلوك الجنسي مثل التستوستيرون والإستروجين، ما يخفف من سلوك التجول أو العدوان ويفسح المجال لسلوكيات أكثر هدوءاً وعاطفة.
متى يصبح التعلّق الزائد مصدراً للقلق؟
في حين أن العناق في حد ذاته علامة إيجابية، إلا أن التغيّر المفاجئ في مستوى التعلّق قد يُشير إلى مشكلة:
- ألم أو انزعاج جسدي: قد تلجأ القطة إليك طلباً للراحة إذا كانت تعاني من مرض ما.
- قلق الانفصال: بعض القطط تطوّر اعتماداً مفرطاً على صاحبها، فتظهر سلوكيات توتر عند الابتعاد.
- تدهور القدرات الحسية: القطط الكبيرة في السن قد تصبح أكثر تمسكاً بالروتين والعناق بسبب فقدان السمع أو البصر.
إذا لاحظت ازدياداً واضحاً في التعلّق متبوعاً بعلامات أخرى مثل فقدان الشهية أو العرج أو المواء المستمر، فاستشر الطبيب البيطري.

“السلوك هو نافذة على صحة القطة. أي تعديل مفاجئ في مستويات التودد قد يكون إشارة مبكرة لمشكلة طبية.” – د. ليلى العبد، طبيبة بيطرية.
كيف تشجع قطك على عناق صحي ومتوازن؟
- احترم حدوده: لا تُجبر القطة على العناق. اترك لها خيار الابتعاد متى ما أرادت.
- التعزيز الإيجابي: قدّم مكافآت أو مداعبات قصيرة عندما تأتي القطة طوعاً.
- توفير بيئة آمنة: خصّص أماكن مرتفعة وخفية لتختبئ فيها حين تشعر بالضغط.
- جدول لعب منتظم: اللعب التفاعلي يُشبع غرائز الصيد ويمنع التعلّق المفرط.
- الاهتمام الصحي: الزيارات البيطرية المنتظمة تقلل من القلق الناجم عن الألم غير المكتشف.
الخلاصة
العناق القططي هو مزيج ساحر من العوامل الوراثية والتجارب المبكرة والحالة البيئية الراهنة. عندما تفهم الأسباب الكامنة وراء هذا السلوك، يمكنك بناء علاقة تقوم على الثقة والاحترام المتبادل، ما يمنح قطك الشعور بالأمان ويمنحك دفئاً وفرحاً لا يقدّر بثمن.