مقدمة
سواء كنت تُربّي جرواً صغيراً أو كلباً بالغاً، فمن المرجَّح أنك لاحظت في إحدى نزهاتكما أن كلبك يتوقّف فجأة ليقضم بعض العشب. قد يبدو الأمر غريباً لأن العشب ليس ضمن النظام الغذائي الأساسي للحيوانات الآكلة للحوم، ومع ذلك تشير الدراسات إلى أن نحو 79٪ من الكلاب تأكل النباتات بانتظام، و68٪ منها تختار العشب تحديداً مرة واحدة أسبوعياً على الأقل. إذن لماذا يحدث ذلك؟ وهل يستدعي القلق؟ هذا ما سنستكشفه بالتفصيل في هذا الدليل الشامل.
هل أكل الكلاب للعشب أمر طبيعي؟
بشكل عام، يُصنَّف أكل العشب ضمن السلوكيات الطبيعية للكلاب. أظهرت دراسة استقصائية أُجريت على أوصياء الكلاب أن أقل من 10٪ من الكلاب بدت عليها علامات مرض قبل تناول العشب، وأن 22٪ فقط تقيأت بعد ذلك. باختصار، معظم الكلاب لا تمرض ولا تعاني من مضاعفات جراء هذا السلوك.
- السلوك الغريزي: تستهلك الذئاب والثعالب البرية كميات صغيرة من النباتات التي توجد في أحشاء فرائسها، ما يشير إلى جذور تطورية لهذا السلوك.
- التنوّع الغذائي: قد يكون العشب ببساطة خياراً متاحاً يمنح الكلب نكهة أو نسيجاً مختلفاً.
الأسباب المحتملة وراء أكل الكلاب للعشب
1. الغريزة والتاريخ التطوري
يعتقد الخبراء أن أسلاف الكلاب البرية اعتادوا ابتلاع أجزاء من النباتات الموجودة في أمعاء الحيوانات التي يصطادونها. ومع مرور الوقت، تطوَّر هذا السلوك إلى عادة قائمة بذاتها لتزويد الجسم ببعض الألياف وتنظيف الجهاز الهضمي من الطفيليات.
2. الحصول على الألياف والمغذّيات
العشب غني بالألياف غير القابلة للذوبان، والتي تساعد على تعزيز حركة الأمعاء وتقليل الإمساك. إذا كان طعام الكلب قليل الألياف، فقد يلجأ إلى العشب كمصدر طبيعي لتعويض النقص.
3. تهدئة اضطرابات الجهاز الهضمي
يبتلع بعض الكلاب أوراق العشب مسرعين من دون مضغ؛ فشفرات العشب الطويلة قد تهيّج بطانة المعدة وتُحفّز التقيؤ، ما يشعر الكلب بالراحة من الغثيان المؤقت أو الانزعاج المعوي.
4. الملل والإجهاد والقلق
قد يتحوّل أكل العشب إلى وسيلة للهروب من الملل أو تفريغ التوتر، خصوصاً في الكلاب التي تقضي فترات طويلة بمفردها أو لا تحصل على ما يكفي من التحفيز البدني والذهني.
هل ينبغي القلق من هذه العادة؟
مع أن أكل العشب بحد ذاته ليس خطِراً عادةً، فإن المخاطر الفعلية تكمن في البيئة المحيطة:
- رذاذ المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب التي قد تُرشّ على الحدائق العامة أو المروج الخاصة.
- وجود بيوض وطفيليات مثل الديدان الخطافية والديدان المستديرة المختبئة في التربة أو على أوراق العشب.
- احتمال ابتلاع أجسام غريبة (عصيّ صغيرة، نفايات بلاستيكية) مع العشب.
لذلك، من المهم التأكد من أن منطقة اللعب خالية من المواد الكيميائية وأن برنامج الوقاية من الطفيليات محدث.
متى يجب زيارة الطبيب البيطري؟
توجّه إلى الطبيب البيطري إذا لاحظت واحداً أو أكثر من الأعراض التالية بعد أكل العشب:
- تقيؤ متكرر أو مستمر على مدار 24 ساعة.
- إسهال حاد أو دم في البراز.
- فقدان شهية أو فقدان وزن ملحوظ.
- خمول، تجفاف، أو انتفاخ البطن.
- علامات ألم عند لمس البطن أو صوت أنين.
كيف تساعد كلبك على التوقف أو الحد من أكل العشب؟
إذا كان السلوك مفرِطاً أو يسبّب التقيؤ المتكرر، يمكنك تطبيق النصائح التالية:
- تحسين النظام الغذائي: اختر طعاماً غنياً بالألياف أو أضِف القليل من خضراوات آمنة مثل القرع أو الفاصولياء الخضراء.
- أضِف مكملات البروبيوتيك: لدعم صحة الأمعاء وتقليل الغازات والانزعاج الهضمي.
- وفّر مساحات عشبية آمنة: ازرع “عشب كلاب” (قمح الشعير أو الشوفان) في أوعية مخصّصة داخل المنزل أو في الحديقة.
- عزِّز التحفيز البدني والذهني: زِد مدة المشي، وقدِّم ألعاب ذكاء وألعاب مضغ آمنة.
- عالج القلق: استشِر مدرّباً أو طبيباً بيطرياً سلوكياً إذا كان السلوك مرتبطاً بالتوتر أو الانفصال.
“على الرغم من أن أكل العشب ليس خطراً في حدّ ذاته، إلا أن التغيّر المفاجئ في شهيّة كلبك أو السلوك المصحوب بأعراض هضمية يستحق دوماً تقييماً بيطرياً” – د. سارة كول، طبيبة بيطرية.
أسئلة شائعة
هل يتقيأ جميع الكلاب بعد أكل العشب؟
لا، معظم الكلاب لا تتقيأ. التقيؤ يحدث عادةً لدى الكلاب التي تبتلع العشب بسرعة ومن دون مضغ، ما يهيّج جدار المعدة.
هل يعني أكل العشب أن الكلب مصاب بالطفيليات؟
ليس بالضرورة، لكنه أحد الاحتمالات. التزم ببرنامج الوقاية الدورية وأجرِ فحص البراز سنوياً.
هل يمكنني تقديم مكملات غذائية بدلاً من العشب؟
قد تساعد مكملات الألياف أو البروبيوتيك على خفض الرغبة في أكل العشب إذا كان السبب غذائياً، لكن استشر الطبيب البيطري قبل إضافة أي مكمل.
الخلاصة
يُعدّ أكل العشب سلوكاً شائعاً وطبيعياً لدى معظم الكلاب، وغالباً لا يشير إلى مشكلة صحية خطيرة. ومع ذلك، فإن مراقبة الكلب، وتوفير نظام غذائي متوازن، وضمان بيئة خالية من المواد الكيميائية سيساعد على إبقائه آمناً وصحياً. إذا لاحظت علامات اضطراب هضمي أو تغيّرات سلوكية مقلقة، لا تتردد في استشارة الطبيب البيطري.
