متلازمة “تقبيل الفقرات” في الخيول: الدليل الشامل للمالك والطبيب البيطري
متلازمة التقاء أو تقارب الناتئات الشوكية الظهرية في الخيول، والمعروفة شعبياً باسم Kissing Spine، هي إحدى أكثر مشاكل الظهر شيوعًا وإرباكًا في عالم طب الخيل. يؤثر هذا الاضطراب بشكل مباشر على أداء الخيل وراحته، وقد يؤدي إلى تراجع كبير في قدرته الرياضية إذا لم يُشخَّص ويُعالج في الوقت المناسب.

ما هي متلازمة «تقبيل الفقرات»؟
يتكوّن ظهر الخيل من فقرات ترتبط ببعضها عبر نتوءات عظمية تسمى الناتئات الشوكية الظهرية. في الحالة الطبيعية، تكون هناك مسافات آمنة بينها تسمح بالحركة المرنة. عند الإصابة بـ«تقبيل الفقرات»، تصبح هذه المسافات ضيقة أو تنعدم، ما يؤدي إلى احتكاك أو تصادم النتوءات ببعضها البعض مسببًا الألم والتهاب المفاصل الموضعية.
الأسباب وعوامل الخطر
- الوراثة والبنية التشريحية: بعض السلالات ذات الظهر القصير أو المنحدر أكثر عرضة.
- تركيب سرج غير مناسب: الضغط غير المتكافئ على العمود الفقري قد يفاقم المشكلة.
- التدريب المفرط أو الخاطئ: خصوصًا في الخيول الصغيرة قبل اكتمال نموها.
- ضعف العضلات القطنية والحوضية: ضعف الدعم العضلي يزيد من الإجهاد على الفقرات.

الأعراض الشائعة
قد تتراوح الأعراض بين خفيفة يصعب ملاحظتها وواضحة تؤثر على الأداء اليومي:
- حساسية أو ألم عند تمرير اليد على الظهر أو أثناء التسريح.
- رفض السرج، التململ أو العض عند شد الحزام.
- نقص في الأداء: قلة القفز، صعوبة جمع الحركة، أو فقدان التوازن.
- سلوكيات انفعالية: القفز المفاجئ (bucking)، الاعتراض على الانعطاف أو الوقوف.
- تيبس في الظهر أو الخطوة القصيرة غير المنتظمة.
معلومة سريعة: تظهر بعض الخيول أداءً طبيعيًا في ساحات التدريب لكن تُظهر ألمًا واضحًا عند إزالة السرج—الفحص الدقيق بعد التمرين قد يكشف المشكلة مبكرًا.
كيف يتم التشخيص؟
يعتمد التشخيص على مزيج من الفحص الإكلينيكي والتصوير الشعاعي:
- الأشعة السينية (X-ray): الطريقة الذهبية لرؤية تلامس أو تداخل النتوءات.
- المسح النووي (Bone Scan): يكشف الالتهاب الموضعي أو النشاط العظمي المتزايد.
- الموجات فوق الصوتية: يحدد حالة الأربطة والأنسجة الرخوة بين الفقرات.
- حقن التخدير الموضعي: إذا زال الألم مؤقتًا بعد الحقن، يتأكد التشخيص.
خيارات العلاج المتاحة
1. العلاج المحافظ (غير الجراحي)
يستهدف تقليل الألم وبناء قوة عضلية داعمة:
- حقن الكورتيكوستيرويد المضاد للالتهاب بين الفقرات.
- العلاج الطبيعي وتمارين تقوية عضلات الظهر والبطن.
- العلاج بالموجات التصادمية لتخفيف الألم وتحفيز التئام الأنسجة.
- العلاج اليدوي (Chiropractic & Osteopathy) لتحسين مرونة العمود.
- الوخز بالإبر لتقليل التشنج العضلي.

2. العلاج الجراحي
يُوصى به عند فشل الأساليب المحافظة أو في الحالات المتقدمة:
- قطع الرباط بين النتوءات (Interspinous Ligament Desmotomy): يقلل الضغط ويزيد المسافة.
- إزالة جزء من النتوءات العظمية (Dorsal Spinous Process Osteotomy): يُنشئ فجوة دائمة تمنع التصادم.

تظهر الدراسات أن 70–90% من الخيول تعود إلى نشاطها الرياضي بعد الجراحة مع برنامج تأهيل مناسب.
التأهيل والرعاية ما بعد العلاج
الالتزام ببرنامج تأهيل دقيق هو المفتاح لنجاح العلاج:
- راحة مقنَّنة تتراوح بين أسبوعين إلى ستة أسابيع حسب شدة الحالة.
- تمارين أرضية (لُنج) مع حبال مرنة لتشجيع انحناء الظهر الصحيح.
- المشي في جهاز السير المائي أو برك السباحة لتحسين اللياقة دون إجهاد.
- مراجعة دورية لضبط السرج وحالة الظهر كل 3–6 أشهر.
الوقاية: كيف تحمي خيلك؟
الوقاية أفضل من العلاج، وتشمل:
- اختيار سرج مصمم خصيصًا ومراجعته دوريًا.
- تدريب متدرج يحترم عمر الخيل وقدرته.
- تقوية العضلات الأساسية عبر تمارين الانحناء والصعود.
- فحص بيطري سنوي مع تصوير وقائي عند الضرورة.
الأسئلة الشائعة
هل يمكن للخيل أن يتعافى تمامًا؟
نعم، الكثير من الخيول تعود إلى مستويات عالية من الأداء، خاصة مع الاكتشاف المبكر وخطة علاج شاملة.
كم تكلفة العلاج؟
تختلف التكلفة حسب البلد وطريقة العلاج، لكنها عادة تبدأ من العلاجات المحافظة (حقن وعلاج طبيعي) بأقل تكلفة، وتصل إلى جراحة كاملة قد تكون أكثر تكلفة.
هل يمكن ركوب الخيل خلال فترة إعادة التأهيل؟
يُنصح بالامتناع عن الركوب حتى يُجيز الطبيب البيطري ذلك، ويكون عادة بعد مراحل محددة من تمارين الأرض والتقوية.
كلمة أخيرة
متلازمة «تقبيل الفقرات» ليست حكمًا نهائيًا على مسيرة الخيل الرياضية. بالمعرفة الصحيحة، التشخيص المبكر، والعلاج المتكامل، يمكن لمعظم الخيول استعادة نشاطها والمدهش أن بعضها يعود أقوى مما كان. لا تتردد في استشارة طبيبك البيطري عند أول علامة شك، فالتدخل المبكر هو سر النجاح.