كل ما تحتاج معرفته عن فرط كريات الدم الحمراء الأوَّلي لدى القطط (Polycythemia Vera)
إذا لاحظت أن قطتك تتنفّس بصعوبة، أو أن لثتها داكنة اللون بشكل غير طبيعي، أو أنها تبدو مرهقة من أقل مجهود، فقد يكون هناك سبب خفيّ يتعلق بدمها. أحد هذه الأسباب النادرة لكنه خطير هو فرط كريات الدم الحمراء الأوَّلي، أو ما يُعرف طبّياً باسم Polycythemia Vera. في هذا الدليل الشامل سنأخذك في جولة معرفية تبدأ من ماهية المرض وحتى طرق التشخيص والعلاج والرعاية المنزلية.

ما هو فرط كريات الدم الحمراء الأوَّلي؟
فرط كريات الدم الحمراء الأوَّلي هو اضطراب نقيّ العظم (نخاع العظم) يؤدي إلى إنتاج مفرط لكريات الدم الحمراء دون وجود حاجة حقيقية إليها. نتيجة لذلك يصبح الدم أكثر لزوجة وسماكة، ما يُعيق تدفّقه الطبيعي عبر الأوعية الدقيقة ويُعرّض القطة لخطر الجلطات والنزيف ومجموعة واسعة من الأعراض العصبية والقلبية.
تسميات ومصطلحات شائعة
- Primary Polycythemia – فرط كريات الدم الحمراء الأوَّلي.
- Rubra Vera – تسمية قديمة تُشير إلى نفس الاضطراب.
- Myeloproliferative Disorder – خلل تكاثري في نقي العظم.
كيف يؤثر على جسم القطة؟
يؤدي ارتفاع عدد كريات الدم الحمراء إلى زيادة حجم كتلتها (RBC Mass)، وهذا يرفع لزوجة الدم بشكل يبطئ وصول الأكسجين والمواد الغذائية للأنسجة. النتيجة يمكن أن تكون:
- نقص تروية مُزمن للأعضاء الحيوية مثل الدماغ والعينين.
- ارتفاع ضغط الدم واعتلالات قلبية.
- احتمالية تكوّن جلطات صغيرة تُغلق الأوعية الدقيقة.

الأعراض والعلامات السريرية
لا تظهر الأعراض دفعة واحدة عادةً، بل تتطور تدريجياً. انتبه جيداً لأي من العلامات التالية:
- خمول وضعف عام أو عدم القدرة على تحمل التمارين.
- صعوبة أو سرعة في التنفس.
- لثـة ولسان داكنَا اللون أو مائلان إلى الأحمر القاني.
- نزيف من الأنف أو اللثة؛ وفي بعض الحالات وجود دم في القيء.
- نوبات عصبية: تشنجات، ترنح، عدم اتزان، أو عمى مفاجئ بسبب نزيف أو انسداد في شبكية العين.
- طنين قلب أو نفخة قلبية نتيجة زيادة لزوجة الدم.
- تضخم الطحال أو الكبد أحياناً بسبب احتقان الدم.
كلما زادت سماكة الدم، ارتفع الضغط داخل الأوعية، الأمر الذي يفسّر ظهور هذه المجموعة المتنوعة من الأعراض.

الأسباب وعوامل الخطر
على عكس فرط كريات الدم الثانوي، الذي يحدث استجابةً لنقص الأكسجين أو لإفراز الهرمون المُحفّز لإنتاج الكريات الحمراء (Erythropoietin – EPO) من ورم كلوي مثلاً، يبقى سبب فرط كريات الدم الأوَّلي مجهولاً حتى اليوم. يُعتقد أنه ناتج عن طفرة جينية تجعل خلايا نقي العظم تخرج عن السيطرة وتستمر في إنتاج الكريات الحمراء رغم المستويات الطبيعية أو المنخفضة من هرمون EPO.
فرط كريات الدم الثانوي: لماذا يجب استبعاده؟
قبل تأكيد التشخيص، سيعمل الطبيب البيطري على استبعاد الأسباب التالية:
- أمراض القلب والرئة المزمنة.
- العيش على ارتفاعات عالية (قلة الأكسجين).
- أورام أو كيسات كلوية تفرز EPO بكميات زائدة.
- فرط نشاط الغدة الكظرية أو أمراض هرمونية أخرى.
استبعاد هذه العوامل أمر حاسم لأن إدارة فرط كريات الدم الثانوي تعتمد على علاج السبب الكامن، بينما يحتاج الأوَّلي إلى نهج مختلف تماماً.
كيف يُشخِّص الطبيب البيطري الحالة؟
التاريخ المرضي والفحص السريري
يبدأ التشخيص عادةً بمراجعة مفصلة لتاريخ القطة الصحي وأسلوب حياتها، تليها معاينة شاملة للبحث عن أدلة على النزيف أو نقص التروية أو ارتفاع ضغط الدم.
الفحوصات المخبرية الأساسية
- صورة الدم الكاملة (CBC): تُظهر ارتفاعاً في تعداد الكريات الحمراء، الهيموغلوبين، ونسبة الخلايا المكدسة (PCV) والتي غالباً ما تتجاوز 55 ٪ وقد تصل إلى 75 ٪.
- اللزوجة الدموية: قياس سماكة الدم لتأكيد التشخيص وتحديد درجة الخطر.
- مستوى EPO في المصل: يكون طبيعياً أو منخفضاً في الأوَّلي، ومرتفعاً في الثانوي.
- تحليل كيمياء الدم: للكشف عن أي اختلال في وظائف الأعضاء بسبب نقص التروية.
اختبارات إضافية
- سحب عينة من نقي العظم لتقييم تكاثر الخلايا الحمراء.
- الأشعة أو الموجات فوق الصوتية لاستبعاد أورام الكلى أو أمراض القلب والرئة.
- قياس ضغط الدم وفحص قاع العين لرصد النزيف أو وذمة الشبكية.

خطة العلاج وإدارة الحالة
1. الفصادة (سحب الدم العلاجي)
يُعد سحب الدم الطريقة الأسرع لخفض كتلة الكريات الحمراء ولزوجة الدم. يتم سحب 10–20 مل/كغ من الدم تحت تخدير خفيف غالباً، ثم يُعوض الحجم بسوائل وريدية متساوية التوتر للحفاظ على ضغط الدم الطبيعي. قد يتكرر الإجراء كل 24–48 ساعة حتى الوصول إلى PCV يقارب 45 ٪.
2. الأدوية المثبِّطة لنقي العظم
- هيدروكسي يوريا (Hydroxyurea): يُعطى بجرعة أولية 25–30 ملغم/كغ كل 24–48 ساعة، ثم تُعدَّل الجرعة بناءً على نتائج الفحوصات.
- الأسبرين بجرعات منخفضة: للمساعدة في تقليل خطر الجلطات، مع مراقبة المعدة والنزيف.
- أدوية داعمة مثل مثبطات الضغط إذا كان مرتفعاً.
3. الرعاية المنزلية والمتابعة
بعد استقرار الحالة في العيادة، تتحول مسؤولية المتابعة إليك:
- مراقبة سلوك القطة وشهيتها ومستوى نشاطها.
- فحص اللثة والعينين أسبوعياً لاكتشاف أي تغيّر في اللون أو علامات نزيف.
- زيارات بيطرية دورية لقياس PCV كل أسبوعين في البداية ثم شهرياً.
- إبلاغ الطبيب فوراً عند ظهور أعراض عصبية أو صعوبات تنفسية.
التوقعات المستقبلية (Prognosis)
استجابة القطط للعلاج جيدة غالباً، وقد تعيش سنوات عديدة بجودة حياة مقبولة طالما تم الحفاظ على PCV ضمن الحدود المستهدفة. تكمن خطورة المرض في الجلطات المفاجئة أو النزيف الداخلي غير المُلاحظ، لذا تبقى المتابعة المنتظمة حجر الأساس في النجاح العلاجي.
الوقاية
لا توجد طريقة مؤكدة لمنع فرط كريات الدم الحمراء الأوَّلي، لأنه يرتبط بطفرة جينية عفوية. ومع ذلك فإن التقييم السنوي الشامل للقطط متوسطة العمر وكبيرة السن يسمح بالكشف المبكر عن أي تغيّرات دموية.
الأسئلة الشائعة
- هل يمكن الشفاء التام؟
المرض مزمن بطبيعته، لكن يمكن السيطرة عليه عبر الفصادة والأدوية المثبطة لنقي العظم. - هل العلاج مؤلم للقطة؟
يُجرى سحب الدم تحت مهدئ خفيف أو تخدير، لذا لا تشعر القطة بألم يُذكر. - هل سأحتاج لسحب الدم بقية حياة القطة؟
غالباً نعم، لكن مع مرور الوقت قد تقلّ وتيرة الفصادة أو تعتمد بالكامل على دواء هيدروكسي يوريا. - هل يمكن أن يتحول المرض إلى سرطان دم خطير؟
حتى الآن لا توجد بيانات تشير إلى تحوّل فرط كريات الدم الأوَّلي في القطط إلى سرطان الدم (لوكيميا) كما في البشر، لكنه يظل اضطراباً تكاثرياً يتطلب مراقبة.
“الاكتشاف المبكر والمتابعة الدقيقة هما خط الدفاع الأول ضد المضاعفات الخطيرة لفرط كريات الدم الحمراء الأوَّلي.”
تنبيه: يُقدَّم هذا المقال لأغراض تثقيفية فقط ولا يُغني عن الاستشارة البيطرية المباشرة.
المراجع
- الهيئة التحريرية لموقع Veterinary Partner. “فرط كريات الدم (زيادة كريات الدم الحمراء) في الكلاب والقطط.” , 2017-02-10. veterinarypartner.vin.com
- PF بيرغمانن، JM كروغر، SA سميث، TL لين، MK بودرو. “فرط كريات الدم الأساسي في القطط: 20 حالة (1990-2003).” , 2008-07-15. pubmed.ncbi.nlm.nih.gov