كثرة الحمر الحقيقية لدى القطط: ما يجب أن يعرفه كل مُربٍّ
تُعد كثرة الحمر الحقيقية (Polycythemia Vera) اضطرابًا دمويًّا نادرًا لدى القطط يتميّز بزيادة غير طبيعية في عدد خلايا الدم الحمراء. ورغم ندرتها، فإن خطورتها تكمن في المضاعفات التي قد تطال الدماغ، العيون، القلب، والرئتين ما لم يتم تشخيصها وعلاجها في الوقت المناسب.

ما هي كثرة الحمر؟
ينقسم المصطلح إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
- كثرة الحمر الحقيقية (الأولية): ناتجة عن طفرة في نخاع العظم تُحفِّز إنتاج خلايا دم حمراء دون الحاجة إلى هرمون الإريثروبويتين (EPO).
- كثرة الحمر المُطلَقة الثانوية: استجابة فسيولوجية لزيادة الإريثروبويتين بسبب نقص الأكسجين المزمن (أمراض القلب أو الرئتين، العيش على مرتفعات عالية) أو أورام تفرز الهرمون.
- كثرة الحمر النسبية: ارتفاع تركيز خلايا الدم الحمراء نتيجة فقدان السوائل (الجفاف الشديد أو الحروق)، دون زيادة فعلية في كتلتها الكلية.
الأسباب وعوامل الخطر
الأسباب الأولية
تحدث كثرة الحمر الحقيقية جراء طفرات جينية في خلايا نخاع العظم تؤدي إلى تكاثر غير مُنضبط لخلايا الدم الحمراء. لا تلعب الهرمونات أو البيئة دورًا مباشرًا هنا، لذا تُعتبر هذه الحالة نادرة جدًّا لدى القطط.
الأسباب الثانوية
- أمراض القلب الخِلقية أو المُكتسَبة التي تُقلِّل تشبع الدم بالأكسجين.
- أمراض الرئة المزمنة (مثل الربو الحاد أو التليُّف الرئوي).
- أورام الكلى أو الكبد التي تفرز هرمون الإريثروبويتين بكمية زائدة.
- العيش على المرتفعات الشاهقة لفترات طويلة.
الأسباب النسبية
تنجُم عادة عن جفاف حاد بسبب القيء، الإسهال المزمن، أو الحروق الواسعة؛ إذ يُصبح الدم أكثر لزوجة لقلّة السوائل.

الأعراض والعلامات السريرية
قد تختلف الأعراض بحسب شدة الحالة وسببها، إلا أن أكثرها شيوعًا يشمل:
- خمول وكسل عام
- احمرار أو تورد الأغشية المخاطية (اللثة والملتحمة)
- صعوبة في التنفّس أو اللهاث
- عَرَج مفاجئ أو شلل بسبب جلطات دموية
- اختلاجات أو تغيّرات سلوكية جرّاء نقص التروية الدماغية
- عمى مفاجئ بسبب نزيف شبكي أو انسداد الأوعية الدموية في العين
مع مرور الوقت، قد تُسفر كثرة الحمر عن ارتفاع لزوجة الدم ما يزيد خطر السكتة الدماغية أو فشل العضلة القلبية.
كيف يتم التشخيص؟
يعتمد الطبيب البيطري على مجموعة من الفحوص لتأكيد التشخيص واستبعاد الأسباب الأخرى:
- صورة دم كاملة (CBC): ارتفاع ملحوظ في عدد خلايا الدم الحمراء والهيماتوكريت (PCV).
- قياس مستوى الإريثروبويتين: يكون طبيعيًّا أو منخفضًا في الحالات الأولية، ومرتفعًا في الثانوية.
- اختبارات تركيز الأكسجين: تقيّم قدرة الدم على حمل الأكسجين.
- أشعة سينية وصور موجات فوق صوتية: للبحث عن أورام محتملة أو أمراض قلب ورئة.
- خزعة أو رَشافة نخاع العظم: للتحقق من طفرات الخلايا الجذعية.

خيارات العلاج
العلاج الفوري
إذا تجاوز الهيماتوكريت 65%، يبدأ الطبيب بإجراء فصد علاجي (سحب كمية من الدم) لتقليل لزوجته، متبوعًا بتعويض سوائل عبر الوريد.
العلاج طويل الأمد
- الفصد المتكرر: يُعاد كلما ارتفع الهيماتوكريت.
- الأدوية المثبّطة لنخاع العظم: مثل هيدروكسي يوريا بجرعات محسوبة لتقليل إنتاج خلايا الدم.
- علاج السبب الأساسي: استئصال الورم، ضبط أمراض القلب أو الرئة، أو تصحيح الجفاف.
- مضادات التخثّر: لمنع الجلطات عند الحاجة.
نصيحة: لا تُعطي قطّك أي دواء بشري (خصوصًا الأسبرين أو الوارفارين) دون استشارة بيطرية، فقد يؤدي ذلك إلى نزيف خطير.

الرعاية المنزلية والمتابعة
دور المُربي أساسي لضمان نجاح العلاج:
- وفر ماءً نظيفًا على مدار الساعة لمنع الجفاف.
- اتّبع جدول الفحوص الدورية لقياس الهيماتوكريت.
- راقب أي تغيّر في التنفّس، المشي، أو مستوى الوعي وبلّغ الطبيب فورًا.
- التزم بالجرعات الدوائية بدقة، ولا تُوقف العلاج فجأة.

التوقعات على المدى البعيد
مع التشخيص المبكر والمراقبة الدقيقة، تكون فرص النجاة مُبشّرة في معظم حالات كثرة الحمر الحقيقية. في المقابل، يعتمد الإنذار في الحالات الثانوية على مدى السيطرة على العامل المسبِّب، بينما تتحسّن كثرة الحمر النسبية بسرعة بعد علاج الجفاف.
أسئلة شائعة
هل يمكن الوقاية من كثرة الحمر الحقيقية؟
لا، لأنها ناتجة عن طفرة عشوائية. لكن يمكن تجنّب العوامل المؤهِّبة لكثرة الحمر الثانوية مثل التدخين السلبي أو السمنة المؤثرة على القلب.
هل تنتقل كثرة الحمر بين القطط؟
غير مُعدية على الإطلاق.
هل يلزم تغيير النظام الغذائي؟
عادةً لا، لكن يُفضَّل طعام رطب غني بالرطوبة لتقليل خطر الجفاف.
ما مدة العلاج؟
مدى الحياة في الحالات الأولية، ومتغيرة في الثانوية أو النسبية بحسب نجاح علاج السبب.