كثرة الحمراء في القطط: ما الذي يجب أن يعرفه كل مُربٍّ؟
يحتاج جسم القط، مثل سائر الكائنات الحيّة، إلى توازن دقيق بين مكوّنات الدم ليؤدي وظائفه الحيوية بكفاءة. عندما يرتفع عدد خلايا الدم الحمراء بشكل غير طبيعي، تظهر حالة تُسمّى كثرة الحمراء (Polycythemia) التي قد تُهدّد حياة القط إذا لم تُكتشف وتُعالج في الوقت المناسب.

ما هي كثرة الحمراء؟
كثرة الحمراء هي زيادة غير طبيعية في عدد خلايا الدم الحمراء (RBCs) أو تركيز الهيموغلوبين، ما يؤدي إلى ارتفاع لزوجة الدم وصعوبة تدفّقه عبر الأوعية الدموية الدقيقة. تنقسم كثرة الحمراء إلى:
- كثرة حمراء نسبية: ناتجة عن نقص حجم البلازما، وغالباً ما ترتبط بالجفاف الشديد.
- كثرة حمراء مطلقة: زيادة فعلية في إنتاج خلايا الدم الحمراء، وتنقسم بدورها إلى:
- أولية (Polycythemia Vera): تُسبّبها اضطرابات في نخاع العظم مثل الأورام.
- ثانوية: استجابة طبيعية للجسم لنقص الأكسجين أو لإفراز مفرط لهرمون الإريثروبويتين (EPO) من الكلية أو الأورام.
أسباب كثرة الحمراء في القطط
تختلف الأسباب تبعاً لنوع الحالة:
1. الأسباب المتعلقة بكثرة الحمراء النسبية
- الجفاف الحاد نتيجة القيء أو الإسهال المزمن.
- الحروق أو فقدان سوائل أخرى دون تعويض كافٍ.
2. الأسباب المتعلقة بكثرة الحمراء الأولية
- أورام أو اضطرابات تكاثرية في نخاع العظم.
3. الأسباب المتعلقة بكثرة الحمراء الثانوية
- أمراض القلب الخَلقيّة أو المكتسبة التي تُقلل إمداد الأكسجين.
- أمراض الجهاز التنفسي المزمنة مثل الربو أو الالتهاب الرئوي المزمن.
- العيش على ارتفاعات شاهقة.
- أورام الكلى التي تُفرز هرمون EPO بكميات كبيرة.

الأعراض والعلامات السريرية
قد تكون الأعراض خفية في البداية قبل أن تتطوّر تدريجياً مع ارتفاع معدل الـ PCV (Packed Cell Volume) فوق 65٪:
- لثة ولسان بلون أحمر داكن أو أرجواني.
- خمول وضعف عام وعدم رغبة في اللعب أو القفز.
- عطش مفرط وتبوّل متكرر نتيجة لزوجة الدم العالية.
- مشكلات عصبية: ارتعاش، تشنّجات، فقدان توازن أو عمى مفاجئ.
- نزيف أنفي متكرر.
- صعوبة في التنفس أو اللهاث المستمر.

التشخيص
يعتمد الطبيب البيطري على عدة أدوات لتأكيد التشخيص واستبعاد أمراض أخرى:
- التاريخ المرضي والفحص السريري: لون الأغشية المخاطية، معدل التنفس، ومستوى الترطيب.
- عداد دم كامل (CBC): ارتفاع ملحوظ في خلايا الدم الحمراء والهيموغلوبين.
- قياس PCV/HCT: مؤشر رئيسي؛ القيم فوق 65٪ تستدعي تدخلاً فورياً.
- اختبار مستويات الإريثروبويتين (EPO): للمفاضلة بين الحالات الأولية والثانوية.
- تصوير صدري وبطني بالموجات فوق الصوتية والأشعة السينية: للبحث عن أورام في الكلى أو أمراض قلبية.
- تحليل غازات الدم: لقياس تشبّع الأكسجين.
ملحوظة: يحتاج القط إلى الصيام قبل بعض الفحوصات، أخذ عينة دم في هذه الحالة يجب أن يتم بحذر لتجنّب تفاقم اللزوجة.

خيارات العلاج
1. النزح الدموي (الفصد)
هو التدخّل العلاجي الأول عندما تتجاوز قيمة PCV الحدّ الآمن. يُسحب جزء من الدم (5–10 مل/كغ) مع تعويضه بسوائل وريدية (محاليل كريستالية) للحفاظ على حجم الدم الطبيعي وتقليل اللزوجة.
2. المعالجة الدوائية
- هيدروكسي يوريا: يُستخدم لتقليل إنتاج خلايا الدم الحمراء في الحالات الأولية أو المزمنة.
- الأسبرين بجرعات منخفضة: للوقاية من تشكّل الجلطات، ولكن يُعطى فقط بإشراف بيطري لتفادي السميّة.
3. علاج السبب الأساسي
يتضمن استئصال الأورام، علاج أمراض القلب والرئة، أو تصحيح الجفاف الشديد.
4. الأكسجين والرعاية الداعمة
تُقدّم عبر قناع أو حجرة أوكسجين خاصة للحيوانات، خصوصاً إذا كان القط يُعاني من نقص الأكسجة.
الرعاية المنزلية والمتابعة
- توفير مياه نظيفة ومتجددة لتعويض السوائل.
- مراقبة لون اللثة والتنفس يومياً.
- زيارة الطبيب البيطري لإعادة فحص PCV كل أسبوعين إلى شهر حتى استقرار الحالة.
- الالتزام الكامل بجدول الأدوية وجرعاتها.
- تجنّب إجهاد القط؛ وفّر بيئة هادئة وألعاباً خفيفة.

الوقاية ونمط الحياة الصحي
قد لا يمكن منع كل حالات كثرة الحمراء، لكن يمكن تقليل المخاطر عبر:
- الفحوصات البيطرية السنوية المبكرة.
- التطعيمات الروتينية وحماية القط من الأمراض التنفسية.
- تجنّب التعرّض المستمر لدخان السجائر أو الملوّثات.
- مراقبة الوزن والنظام الغذائي للحفاظ على صحة القلب والرئتين.
الخلاصة
كثرة الحمراء حالة خطيرة لكنها قابلة للعلاج إذا اكتُشفت باكراً. المتابعة الدورية مع الطبيب البيطري ووعي المُربّي بالأعراض المبكرة هما خط الدفاع الأول لسلامة قطّه. إذا لاحظت أي تغيّر في لون لثة قطك أو سلوكه، لا تتردد في طلب المشورة البيطرية فوراً.
هل واجهت هذه الحالة مع قطك من قبل؟ شاركنا تجربتك بالتعليقات وانشر المقال لتوعية مزيد من مُحبّي القطط.
المراجع
- د. عماد الصالح. “علاج كثرة الحمراء: الأساليب العلمية والتجريبية..” , 2021-09-05. www.petmd.com