قصور الغدة الدرقية عند القطط: دليل شامل من التشخيص إلى العلاج
مع أنّ فرط نشاط الغدة الدرقية هو الخلل الهرموني الأكثر شيوعًا لدى القطط المتقدّمة في العمر، فإنّ قصور الغدة الدرقية (Hypothyroidism) يُعَدّ حالة أقل شيوعًا ولكن لا تقلّ خطورة إذا تُرِكَت دون علاج. يؤدّي انخفاض إنتاج هرمون الثيروكسين (T4) إلى تباطؤ عمليات الأيض، ما ينعكس سلبًا على طاقة القط، وزنه، وجلده، وأعضائه الداخلية. يقدّم هذا المقال كل ما يحتاجه مربّو القطط لفهم المرض، اكتشافه مبكرًا، والتعامل معه بفعالية.

ما هي الغدة الدرقية وما وظيفتها؟
الغدة الدرقية هي غدّة صغيرة على شكل فراشة تقع في منتصف عنق القط، وتُعتبَر بمثابة “المحرّك” الذي يضبط سرعة عمليات الأيض في الجسم. عندما تعمل بشكل صحيح، تُفرِز نوعين من الهرمونات:
- T4 (ثيروكسين): الهرمون الرئيسي المخزَّن في الدم.
- T3 (ثلاثي يودو ثيرونين): الشكل النشط داخل الخلايا.
عندما يقلّ إنتاج هذه الهرمونات، تتباطأ جميع الوظائف الحيوية تقريبًا، ما يسبّب مجموعة واسعة من الأعراض.
أنواع قصور الغدة الدرقية عند القطط
1. قصور خلقي (مبكر الظهور)
ينتج عن تشوّه بنيوي أو خلل وراثي في الغدة الدرقية منذ الولادة. في هذه الحالة قد يبدو القطّ أصغر من أقرانه ويُظهِر تأخرًا في النمو العصبي والعضلي.
2. قصور مكتسب (لاحق الظهور)
يظهر في القطط البالغة، وغالبًا ما يكون آتيًا من:
- العلاج المفرِط لفرط نشاط الغدة الدرقية (جراحيًا، باليود المشعّ، أو بأدوية مثل الميثيمازول).
- التهاب المناعة الذاتية للغدة الدرقية (نادر).
- نقص اليود الحادّ، لكن هذا نادر مع الأغذية التجارية عالية الجودة.

الأسباب الشائعة وعوامل الخطر
- العلاج المفرِط لفرط نشاط الغدة الدرقية: الجرعة الزائدة من اليود-131 أو الإزالة الكلية للغدة جراحيًا قد تؤدّي إلى نقص دائم في الهرمون.
- أمراض المناعة الذاتية: مهاجمة الجهاز المناعي لخلايا الغدة الدرقية.
- تشوّهات وراثية: خاصة في السلالات الأصيلة، مثل الهيمالايا والبورمي.
- نقص اليود الغذائي: نادر مع الأطعمة المتوازنة تجاريًا، لكن قد يحدث في الوجبات المنزلية غير المدروسة.
القطط الأكثر عُرضة للإصابة
مع أنّ المرض يمكن أن يصيب أي قط، إلا أنّ الفئات التالية أكثر قابلية:
- القطط التي خضعت للعلاج من فرط نشاط الغدة الدرقية.
- القطط الأصيلة صغيرة العمر (للقصور الخلقي).
- القطط كبيرة العمر التي تتلقّى أدوية تُثبّط الغدة الدرقية.

أبرز الأعراض والعلامات السريرية
تظهر الأعراض تدريجيًا وغالبًا ما تُنسَب إلى «التقدّم في السن». تشمل أهم المؤشّرات:
- زيادة الوزن رغم شهية طبيعية أو منخفضة.
- خمول، نعاس، وحبّ للبقاء تحت البطانيات الدافئة.
- تباطؤ نبض القلب (قد يلاحظه الطبيب البيطري).
- شعر باهت، تقصّف، أو تساقط خاصة حول الذيل وخلف الأذنين.
- إمساك وانتفاخ.
- انخفاض حرارة الجسم وسهولة الشعور بالبرد.
- مشاكل جلدية متكرّرة أو التهابات بالأذنين.
في القطط الصغيرة المصابة خلقيًا يمكن ملاحظة تأخّر في النمو، رأس عريض، وأطراف قصيرة.
كيفية التشخيص
يعتمد التشخيص على الجمع بين التاريخ المرضي، الفحص السريري، والفحوص المخبرية:
- قياس هرمون T4 الكلّي: انخفاضه تحت المعدّل المرجعي علامة أولية.
- قياس TSH (هرمون منبّه للغدة الدرقية): ارتفاعه مع انخفاض T4 يؤكّد القصور الأوّلي.
- T4 الحرّ بواسطة Equilibrium Dialysis: أكثر دقة عندما تكون النتائج الحدّية غامضة.
- تحاليل إضافية: صورة دم كاملة وكيمياء حيوية لاكتشاف ارتفاع الكوليسترول أو فقر الدم.
- تصوير موجّه (ألتراساوند أو رنين): في الحالات الخلقية لتقييم حجم الغدة.
من المهم أخذ العوامل المربكة مثل أدوية الستيرويد أو أمراض الكلى بعين الاعتبار لأنها قد تُخفِّض مستويات T4 دون قصور حقيقي (حالة تُعرَف بـ «متلازمة مرض غير الغدة الدرقية»).

خيارات العلاج وإدارة المرض
لحسن الحظ، يستجيب معظم القطط المصابين جيدًا للعلاج الهرموني التعويضي:
العلاج بالليفوثيروكسين (Levothyroxine)
هو البديل الصناعي لهرمون T4 ويُعطى عادةً بجرعة 0.1 ملغ/5 كغ من وزن الجسم مرتين يوميًا. قد تختلف الجرعة بحسب حالة القط واستجابة جسمه.
- الشكل الدوائي: أقراص أو سائل فموي..
- توقيت الجرعة: يفضّل تقديمه قبل الأكل بساعة أو بعده بثلاث ساعات لتحسين الامتصاص.
- المراقبة: قياس T4 في الدم بعد 4–6 أسابيع لتعديل الجرعة.
المتابعة والفحوصات الدورية
بعد الوصول إلى الجرعة المثالية، تتم إعادة الفحص كل 6 أشهر. تتضمّن المتابعة:
- إعادة قياس T4 و TSH.
- مراقبة الوزن ووظائف الكلى والكبد.
- تعديل الجرعة عند حدوث تغيّر ملحوظ في الوزن أو ظهور أعراض جديدة.
التعايش على المدى الطويل
بمجرد ضبط الجرعة، يعود معظم القطط لحياتهم الطبيعية تمامًا:
- تتحسن مستويات الطاقة.
- ينخفض الوزن الزائد تدريجيًا.
- يستعيد الفراء لمعانه وكثافته خلال 2–3 أشهر.
يجب الاستمرار على العلاج مدى الحياة، لكن جودة الحياة تكون ممتازة عند الالتزام بالإرشادات البيطرية.

سبل الوقاية وتقليل المخاطر
- المتابعة الدقيقة بعد علاج فرط نشاط الغدة الدرقية لتجنّب الجرعة الزائدة.
- تقديم غذاء تجاري متوازن يحتوي على الكمّية المناسبة من اليود.
- تجنّب وصف الأدوية المُثبِّطة لوظيفة الدرقية دون رقابة مخبرية.
أسئلة شائعة
هل قصور الغدة الدرقية مميت إذا لم يُعالج؟
يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل مشاكل القلب والسمنة المفرطة، لكنه نادرًا ما يكون مميتًا إذا تم اكتشافه وعلاجه في الوقت المناسب.
هل يمكن الوقاية من قصور الغدة الدرقية؟
لا يمكن منع النوع الخلقي، لكن الوقاية من النوع المكتسب ممكنة عبر مراقبة جرعات العلاج من فرط نشاط الدرقية والتغذية المتوازنة.
التشخيص المبكر والمتابعة المنتظمة هما المفتاح للحفاظ على قط سعيد وصحي مدى الحياة.
المراجع
- د. آن كينغ. “اضطرابات الغدة الدرقية لدى القطط.” , 2021-03-15. www.petmd.com