فيروس باواسان: الدليل الشامل لحماية الكلاب والقطط من الفيروس المحمول بالقراد
أصبح فيروس باواسان (Powassan Virus) حديث الأطباء البيطريين وخبراء الصحة العامة خلال السنوات الأخيرة، بعدما رُصدت زيادة في عدد الحالات البشرية المسجلة في الولايات المتحدة وكندا، خصوصًا في مناطق الشمال الشرقي وحول البحيرات العظمى. ورغم أن إصابة البشر به ما تزال نادرة، فإن سرعة انتقاله عبر لدغة القراد (قد تحدث في أقل من 15 دقيقة) تجعل الوقاية منه أولوية لأصحاب الحيوانات الأليفة، نظرًا إلى أن الكلاب والقطط هي الرفيق اليومي الذي قد يجلب القراد إلى داخل المنزل دون أن نشعر.

ما هو فيروس باواسان؟
اكتُشف الفيروس لأول مرة سنة 1958 في بلدة باواسان الكندية، وينتمي لعائلة فيروسات فلافيفيروس (Flavivirus) التي تضم أيضًا فيروسي غرب النيل وزيكا. يوجَد منه سلالتان رئيسيتان:
- السلالة الأولى (POWV Lineage I) وترتبط غالبًا بقراد Ixodes cookei وIxodes marxi.
- السلالة الثانية، المعروفة بفيروس القراد الغزال (Deer Tick Virus – DTV)، وترتبط بالقراد الأسود الأرجل أو قراد الغزال Ixodes scapularis، وهو النوع نفسه الناقل لمرض لايم.
كيف ينتقل الفيروس؟
على عكس مرض لايم الذي يحتاج القراد فيه إلى الالتصاق بالجلد 24–48 ساعة لنقل البكتيريا، يكفي أقل من ربع ساعة لفيروس باواسان كي ينتقل من القراد إلى المُضيف. وتشمل دورة الانتقال:
- التقاط الحيوان أو الإنسان لقرادة مصابة أثناء التنزّه في الأعشاب الكثيفة أو المناطق الحرجية.
- اختراق أجزاء فم القراد لجلد المُضيف وإفراز اللعاب المحتوي على الفيروس.
- دخول الفيروس مجرى الدم ثم استهداف الجهاز العصبي المركزي في الحالات الشديدة.
هل الكلاب والقطط عرضة للإصابة؟
لا توجد حتى الآن تقارير كثيرة عن حالات مرضية سريرية مؤكَّدة في الكلاب أو القطط، ومع ذلك أظهرت دراسات مصلية أن بعض الكلاب التي تعيش في مناطق موبوءة تحمل أجسامًا مضادة للفيروس، ما يعني تعرضها له سابقًا. لا يُعرَف سبب ندرة الأعراض السريرية في الحيوانات مقارنة بالبشر، لكن يظل الاحتمال قائمًا، خاصة لدى الحيوانات ذات المناعة الضعيفة أو الصغيرة سنًا.
الكلاب
الكلاب أكثر عرضة للقراد بسبب التجول في الخارج. حتى وإن لم تُظهر أعراضًا، فقد تنقل القراد إلى داخل المنزل، مما يزيد خطر إصابة البشر.
القطط
القطط قليلة الخروج إلى الغابات مقارنة بالكلاب، لكنها ليست بمنأى عن الخطر، خصوصًا القطط التي تتجول في الحدائق أو تعيش في المناطق الريفية.
الأعراض المحتملة في الحيوانات الأليفة
في حال ظهرت أعراض، فقد تشمل:
- ارتفاع الحرارة المفاجئ
- الخمول وفقدان الشهية
- ترنّح أو صعوبة في المشي
- رعشات عضلية أو تشنجات
- تغيّر في السلوك، مثل العدوانية أو الارتباك
ملاحظة مهمة: هذه الأعراض عامة وقد تتداخل مع أمراض أخرى مثل داء لايم أو أنابلازما، لذا يُعد التشخيص المخبري ضروريًا.
كيف يُشخَّص فيروس باواسان؟
في حال اشتبه الطبيب البيطري بوجود إصابة، سيعتمد على الآتي:
- اختبارات مصلية للكشف عن الأجسام المضادة (ELISA أو IFA).
- اختبار PCR لاكتشاف الحمض النووي الريبي للفيروس في الدم أو السائل النخاعي.
- تصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) في الحالات العصبية الشديدة.
استبعاد أمراض أخرى
من الضروري استبعاد أمراض القراد الأخرى (لايم، إيرليخيا، بابيزيا) التي تشترك في الأعراض، لضمان اختيار العلاج الداعم المناسب.
هل يوجد علاج؟
لا توجد مضادات فيروسية معتمدة لفيروس باواسان حتى الآن. يُركِّز العلاج على دعم الحيوان:
- السوائل الوريدية لتصحيح الجفاف.
- أدوية خافضة للحرارة ومضادة للتشنجات عند الحاجة.
- المراقبة في المستشفى البيطري للحالات العصبية الشديدة.
عادةً ما يتعافى الحيوانات المصابة خلال بضعة أيام إلى أسابيع إذا كانت الأعراض خفيفة، لكن الحالات العصبية قد تخلّف مضاعفات طويلة الأمد.
استراتيجيات الوقاية: خط الدفاع الأول
لأن الوقاية أسهل بكثير من العلاج، إليك مجموعة نصائح مدعومة بخبراء الطفيليات:
- استخدام منتجات الوقاية من القراد الموصى بها من الطبيب البيطري (أطواق، نقاط موضعية، أقراص).
- فحص جسم الحيوان يوميًا، خصوصًا بعد التنزه في المناطق العشبية.
- قص العشب وتقليم الشجيرات لإزالة البيئة المفضلة للقراد في حديقة المنزل.
- تجنب المشي في المسارات غير الممهدة خلال ذروة نشاط القراد (الربيع والصيف وحتى الخريف).
- غسل أغطية النوم والألعاب القماشية للحيوانات الأليفة بانتظام.
كيفية إزالة القراد بأمان
- استخدم ملقطًا ذا أطراف دقيقة أو أداة مخصّصة لإزالة القراد.
- أمسك القرادة من أقرب نقطة ممكنة للجلد واسحبها للأعلى بثبات.
- تجنّب اللف أو الضغط على بطن القرادة حتى لا تُفرغ محتوياتها في الجرح.
- عقِّم مكان اللدغة بالكحول أو مطهّر مناسب.
- احتفظ بالقرادة في وعاء محكم مع قليل من الكحول في حال احتجت إلى فحصها مخبريًا.
متى يجب زيارة الطبيب البيطري؟
استشر الطبيب فورًا إذا لاحظت أحد الأمور التالية:
- حمى مستمرة أو خمول غير مبرر بعد لدغة قراد معروفة.
- أعراض عصبية (تشنجات، ارتعاش، شلل مفاجئ).
- فقدان الشهية لأكثر من 24 ساعة مصحوب بأي علامة مرضية أخرى.
خلاصة
حتى الآن، يظل فيروس باواسان تهديدًا محدود الانتشار للحيوانات الأليفة، لكنه سريع الانتقال وقادر على إحداث مرض عصبي خطير. بالالتزام بتدابير الوقاية اليومية وفحص الحيوان بعد أي نشاط خارجي، يمكن تقليل المخاطر إلى الحد الأدنى وحماية جميع أفراد الأسرة – من البشر والحيوانات – من هذا الفيروس الناشئ.
المراجع
- مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC). “فيروس باواسان: ما تحتاج لمعرفته حول فيروس القراد..” , 2021-04-01. www.cdc.gov
- منظمة الصحة العالمية (WHO). “Health topic: Vector-borne diseases..” , 2023-01-30. www.who.int