فرط دهنيات الدم عند القطط: دليل شامل للأسباب والأعراض والعلاج
يُعدُّ فرط دهنيات الدم (Hyperlipidemia) حالة ترتفع فيها مستويات الدهون في مجرى الدم عن الحدّ الطبيعي، وهي تشمل الكوليسترول والدهون الثلاثية على وجه الخصوص. قد يظن البعض أنّ هذه المشكلة حكرٌ على البشر والكلاب، إلا أنّ القطط معرّضة لها أيضًا، ما قد يؤثر في صحة بنكرياسها وكبدها وعينيها وجهازها العصبي إن تُركت دون علاج. في هذا الدليل، ستتعرّف على كل ما تحتاج معرفته لحماية قطّك من هذه الحالة أو التعامل معها إن شُخِّصت بالفعل.

ما هو فرط دهنيات الدم؟
هو مصطلح عام يُشير إلى ارتفاع غير طبيعي لمستوى واحد أو أكثر من أنواع الدهون في الدم. يُقاس ذلك عادةً بعد صيام القط مدة 12–18 ساعة؛ فإذا بدا مصل الدم “حليبيّ اللون” أو أثبتت التحاليل المخبرية تجاوز الدهون للحد المسموح، يُعد هذا مؤشرًا على الإصابة.
أنواع الدهون التي قد ترتفع في دم القطط
- الكوليسترول: دهون أساسية لبناء أغشية الخلايا، إلا أن ارتفاعها قد يؤدي إلى ترسّبها على جدران الأوعية الدموية.
- الدهون الثلاثية (Triglycerides): مصدر طاقة مُركَّز، لكن زيادتها تُثقل كاهل البنكرياس وقد تُسبِّب التهابَه.

أسباب فرط دهنيات الدم
١. فرط دهنيات أولي (وراثي)
يُعد نادرًا لدى القطط مقارنةً بالكلاب، ويظهر عادةً في سلالات محدودة أو نتيجة طفرات تضرب إنزيمات استقلاب الدهون.
٢. فرط دهنيات ثانوي
يمثل الغالبية العظمى من الحالات، وينجم عن أمراض أو عوامل أخرى ترفع تركيز الدهون في الدم، من أبرزها:
- السمنة وقلة النشاط البدني.
- داء السكري غير المنضبط.
- التهاب البنكرياس.
- أمراض الكبد مثل ركود الصفراء أو التشحم الكبدي.
- أمراض الكلى المزمنة.
- علاجات دوائية كالكورتيكوستيرويدات وبعض مضادات الاختلاج.
- تناول وجبات عالية الدسم (كالقشدة أو بقايا اللحوم الدهنية).
القطط الأكثر عُرضة للإصابة
القطط متقدمة العمر، والمصابة بالسمنة أو بداء السكري، وكذلك السلالات الشرقية مثل السيامي، تُعد أكثر قابلية للإصابة. غير أن أي قط قد يُصاب إذا توفرت العوامل المحفِّزة.
الأعراض والعلامات الإكلينيكية
قد لا تظهر علامات واضحة في الحالات الخفيفة، لكن مع الارتفاع الشديد أو المطوَّل قد تلاحظ:
- خمول وفقدان شهية.
- قيء أو إسهال دهني المظهر.
- ألم أو انتفاخ في البطن.
- عُقيدات دهنية تحت الجلد (Xanthomas) أو ترسّبات بيضاء على الأجفان.
- عكَرة في العين أو صعوبة في الإبصار بسبب ترسّب الدهون في الشبكية.
- نوبات تشنج في الحالات الشديدة جدًّا.

التشخيص وخطوات الفحص
يبدأ الطبيب البيطري بطرح أسئلة حول النظام الغذائي والتاريخ الدوائي، ثم:
- فحص سريري شامل: لقياس وزن القط ومؤشر حالته البدنية.
- عينات دم بعد صيام: لمعرفة شكل المصل ومستوى الدهون الثلاثية والكوليسترول.
- تحاليل مكملة: كاختبارات وظائف الكبد والكلى، وتحليل البول، ومستوى السكر، وصورة الدم الكاملة لاستبعاد الأمراض الثانوية.
- تصوير بالموجات فوق الصوتية: في حال الاشتباه بالتهاب البنكرياس أو تشحم الكبد.
تنبيه: قد تُظهر نتائج التحليل ارتفاعًا عابرًا إذا لم يصُم القط المدة الكافية؛ لذا يُفضَّل صيامه 12–18 ساعة ما لم يمنع ذلك ظرفٌ صحي.
خطة العلاج
١. معالجة السبب الكامن
إذا كان للمرض الأساسي دور (كالسكري)، فإن ضبطه هو الخطوة الأولى لخفض مستويات الدهون.
٢. العلاج الغذائي
- الاعتماد على أغذية تجارية منخفضة الدسم (<10% دهون في المادة الجافة).
- زيادة الألياف القابلة للذوبان لتعزيز الإحساس بالشبع وتنظيم امتصاص الدهون.
- تقديم وجبات صغيرة متكررة لتقليل حمل الدهون المفاجئ على الدم.
- مراقبة الوزن أسبوعيًّا وضبط السعرات تدريجيًّا.
٣. الأدوية والمكملات
لا تُستعمَل الأدوية الخافضة للدهون في القطط إلا تحت إشراف متخصص وبحذر شديد، وتشمل:
- أحماض أوميغا-٣ الدهنية: مثل زيت السمك (EPA/DHA) بمعدل 50–100 ملغم/كغم يوميًّا.
- الفايبرات: مثل جيمفيبروزيل، وقد تُستخدم بجرعات منخفضة جدًّا.
- النياسين أو الستاتينات: تُجرَّب في حالات نادرة وتحتاج متابعة مخبرية مكثفة.

المضاعفات المحتملة
إهمال الحالة قد يؤدي إلى التهاب بنكرياسي حاد، أو تشحم كبدي، أو ترسّبات دهنية في الأوعية الدموية والعينين، وهو ما يُهدِّد حياة القط وجودة بصره.
المتابعة وطريقة التعايش
بعد بدء العلاج، تُكرَّر اختبارات الدهون كل 4–6 أسابيع حتى الاستقرار، ثم كل 3–6 أشهر. يوصَى بتسجيل وزن القط ونشاطه في دفتر لمراقبة أي تغييرات.

الوقاية: كيف تحافظ على صحة قطّك؟
- حافظ على وزن مثالي بتقديم حصص محسوبة وتشجيع اللعب اليومي.
- اختر طعامًا متوازنًا وتجنّب مشاركة قطّك أطعمة بشرية عالية الدسم مثل الزبدة والجبن.
- راجع الطبيب البيطري سنويًّا لإجراء فحوص روتينية، خاصةً إذا كان القط متقدم العمر.
- توقّف عن إعطاء أي دواء من تلقاء نفسك، فبعض الأدوية البشرية قد ترفع الدهون دون قصد.
أسئلة شائعة
هل يمكن أن يختفي فرط دهنيات الدم من تلقاء نفسه؟
نادراً ما يحدث ذلك؛ ففي معظم الحالات يظل الارتفاع قائمًا حتى يُعالج السبب الجذري أو يُعدَّل النظام الغذائي.
هل يمكنني إعطاء زيت السمك لقطّي من دون استشارة بيطرية؟
رغم أن زيت السمك مفيد، فإن تجاوز الجرعة قد يسبّب اضطرابًا هضميًّا أو يؤثر في تجلّط الدم؛ استشر طبيبك أولًا.
ما مدة العلاج؟
تختلف المدة بحسب سبب الارتفاع واستجابة القط للتدخل العلاجي، لكنها غالبًا تتطلب متابعة طويلة الأمد.
الخلاصة
يُعدّ فرط دهنيات الدم مشكلة صحية صامتة لكنها خطرة إذا تُركت دون علاج. يساعد التشخيص المبكر، والنظام الغذائي السليم، ومعالجة الأمراض المسببة في تجنيب قطّك مضاعفات قد تهدد حياته. احرص على المتابعة الدورية مع الطبيب البيطري، وتذكّر أنّ القطط – شأنها شأن البشر – تستحق نمط حياة صحيًّا يحفظ رفاهيتها لسنوات طويلة.
المراجع
- Michelle M. DVM. “Diagnosis and Treatment of Hyperlipidemia in Cats.” , 2023-04-20. www.veterinarypartner.com