عدوانية القطط تجاه بعضها: دليل شامل للتشخيص والعلاج والوقاية

يصدم بعض المربين عندما تندلع معركة فجائية بين قطط المنزل. الصوت المرتفع، الفراء المنتفش، وتطاير المخالب قد يحول أجواء البيت الهادئة إلى ساحة صراع. في هذا الدليل ستتعرف على كل ما تحتاج إلى معرفته حول العدوانية بين القطط، بدءًا من الأسباب والعلامات، مرورًا بخطوات التشخيص البيطري، وصولًا إلى إستراتيجيات العلاج والتعايش الآمن.

ما المقصود بالعدوانية بين القطط؟

يشير مصطلح «العدوانية بين القطط» (Inter-cat Aggression) إلى السلوكيات العنيفة أو التهديدية التي يوجّهها قط لقط آخر داخل المنزل أو خارجه. قد تشمل هذه السلوكيات الهجوم الجسدي المباشر، أو المطاردة، أو منع الوصول إلى موارد أساسية مثل الطعام أو صندوق الفضلات.

كيف تبدو نوبات العدوانية؟

تتنوع مظاهر العدوانية من إشارات جسدية بسيطة إلى اشتباكات حقيقية. وفي ما يلي أبرز العلامات:

  • الهسهسة، الزمجرة، إصدار أصوات صفير أو هدير منخفض.
  • انتفاش الشعر على الظهر والذيل، مع ثني الأذنين للخلف.
  • التحديق المطول، واتخاذ وضعية جسدية متصلبة أو مقوسة.
  • التلويح بالمخالب، الضرب، العض، المطاردة، أو عرقلة طريق القط الآخر.
  • التبول أو التبرز خارج صندوق الفضلات كوسيلة لتمييز المنطقة.

أنواع العدوانية بين القطط

فهم نوع العدوانية يساعدك على اختيار خطة تدخل مناسبة. الأنواع الأكثر شيوعًا هي:

١. العدوانية الإقليمية

يحمي القط مساحته أو ألعابه أو مكان استراحته من أي دخيل.

٢. عدوانية الخوف

تنشأ عندما يشعر القط بالرعب من القط الآخر فيبادر بالهجوم كطريقة للدفاع عن النفس.

٣. العدوانية الناتجة عن اللعب العنيف

كثيرًا ما تظهر في القطط الصغيرة التي لم تتعلم بعد الحد الفاصل بين اللعب والهجوم الحقيقي.

٤. العدوانية المُعاد توجيهها

يحدث ذلك عندما لا يستطيع القط الوصول إلى محفّز خارجي (مثل قط غريب خارج النافذة) فيحوّل غضبه نحو رفيقه في المنزل.

٥. عدوانية الحالة الاجتماعية (الهيمنة)

يلجأ بعض القطط لإظهار السيطرة وفرض ترتيب هرمي في المنزل.

الأسباب والعوامل المُحفِّزة

تتداخل العوامل البيئية والجسدية والنفسية لتغذية السلوك العدواني، ومنها:

  1. إدخال قط جديد إلى المنزل دون تعارف تدريجي.
  2. الوصول إلى سن البلوغ وعدم الإخصاء أو التعقيم.
  3. تغيير الروتين كالسفر، الانتقال إلى منزل جديد، أو إضافة أفراد جدد للأسرة.
  4. الألم أو المرض؛ فقد يتحول القط المتألم إلى عدواني دفاعًا عن نفسه.
  5. نقص الموارد (صناديق الفضلات، أوعية الطعام، أماكن الاختباء).
  6. التجارب السلبية في فترة التَّنْشِئة الاجتماعية (من عمر 2–9 أسابيع).

متى يجب استشارة الطبيب البيطري؟

احجز موعدًا عاجلًا إذا لاحظت جروحًا، تغيرًا مفاجئًا في السلوك، فقدان الشهية، أو علامات مرضية أخرى. فالعدوانية قد تكون أول مؤشر لمشكلة صحية كامنة مثل فرط نشاط الغدة الدرقية أو التهاب المفاصل.

كيف يتم التشخيص؟

يعتمد الطبيب البيطري على ثلاث ركائز أساسية:

  • الفحص البدني الشامل: لاستبعاد الألم والأمراض العضوية.
  • التحاليل المخبرية: تشمل صورة الدم، تحاليل كيمياء الدم، وفحص الغدة الدرقية عند الضرورة.
  • التاريخ والسجل السلوكي: استعد للإجابة على أسئلة حول المواقف المثيرة للنوبات، علاقة القطط ببعضها، وتغيّرات البيئة.

خطة العلاج وإعادة التأهيل

العلاج الفعّال يجمع بين تعديل البيئة والسلوك والعلاج الدوائي عند الحاجة:

١. الفصل المبدئي

افصل القطط المصارعة فورًا في غرف منفصلة لمنع الإصابات وإعطاء فرصة لتهدئة الأعصاب.

٢. إعادة التعارف التدريجي

بعد أيام أو أسابيع من الهدوء، ابدأ التعارف من خلال تبادل البطانيات ذات الرائحة، ثم الإطعام على جانبي باب مغلق، وبعدها جلسات رؤية قصيرة باستخدام بوابة الأطفال أو صندوق النقل.

٣. إدارة الموارد

وفّر موارد أكثر من عدد القطط بواحد على الأقل (N + 1). وزّع صناديق الفضلات (قاعدة 1.5 صندوق لكل قط)، أوعية الطعام والماء، وأماكن النوم أفقياً وعمودياً.

٤. إثراء البيئة

تحتاج القطط إلى مخارج طاقة طبيعية.

  • ألعاب تتيح المطاردة والانقضاض.
  • أرفف وجسور ولوحات خربشة عمودية لتوسيع «المساحة ثلاثية الأبعاد».
  • جلسات لعب تفاعلية يومية لمدة 10–15 دقيقة.

٥. استخدام الفيرومونات والمكملات المهدئة

قد تساعد موزعات الفيرومون الاصطناعي (Feliway®) أو مكملات مثل لا-تريبتوفان في خفض التوتر.

٦. التدخل الدوائي

حين تكون العدوانية شديدة أو مزمنة، قد يصف الطبيب مضادات الاكتئاب (مثل فلوكستين) أو أدوية مضادة للقلق (مثل ألبرازولام) لفترة مؤقتة، إلى جانب برنامج تعديل السلوك.

٧. تدريب المربي

يتطلّب الأمر التزامًا وصبرًا:

  • تجنّب العقاب البدني أو الصراخ؛ فهو يزيد الخوف والعدوانية.
  • كافئ السلوك الهادئ بمكافآت فورية.
  • راقب لغة الجسد لإيقاف المواجهة قبل اشتعالها.

التوقعات على المدى الطويل

مع معظم القطط، يؤدي الجمع بين التعقيم/الإخصاء، إدارة البيئة، وإعادة التعارف الصحيحة إلى خفض حدة العدوانية أو اختفائها تمامًا خلال 4–8 أسابيع. ومع ذلك، تحتاج بعض الحالات إلى علاج دوائي مستمر أو استشارة أخصائي سلوك حيواني معتمد.

كيف تمنع المشكلة قبل حدوثها؟

  • اعتمد التعقيم أو الإخصاء قبل سن البلوغ.
  • قدّم القط الجديد بِبطء عبر خطوات مدروسة.
  • احفظ روتينًا ثابتًا للطعام واللعب والنوم.
  • أضف موارد متعددة واعمل على إثراء المساحة العمودية منذ اليوم الأول.
  • راجع الطبيب البيطري دوريًا لاكتشاف الأمراض مبكرًا.

أسئلة شائعة

هل ستتعايش قططي يومًا ما؟

في أغلب الحالات نعم، لكن الأمر قد يستغرق أسابيع أو أشهر. يعتمد النجاح على التزامك بالخطة وصبرك على تنفيذها.

هل يجب فصل القطط نهائيًا؟

إذا تسبّبت الاشتباكات في إصابات خطيرة متكررة رغم تطبيق كل الخطوات، قد يوصي الأخصائي بفصل دائم أو إعادة تبنّي أحد القطط في منزل يناسب طباعه.

هل الطوق المهدئ أو الفيرومونات كافية وحدها؟

نادراً. تعمل الفيرومونات كعامل مساعد، بينما يبقى تعديل البيئة والسلوك حجر الأساس.

خلاصة

فهم دوافع القطط واستباق المواقف المثيرة للخلاف هما سر بناء منزل يسوده الهدوء. التغيير يبدأ بمعرفة السبب، ثم رسم خطة واقعية وتنفيذها خطوة بخطوة. التزم بالإرشادات السابقة، واستعن بالطبيب البيطري أو أخصائي السلوك عند الحاجة، لتمنح جميع قططك فرصة العيش في وئام.

المراجع

  1. د. كريستوفر هارفي. “تقصّي العدوانية عند القطط..” , 2019-02-13. www.petmd.com

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version