ضمور القرنية عند القطط: دليل شامل لفهم المرض وطرق الرعاية

القرنية هي النافذة الشفافة التي تغلف الجزء الأمامي من عين القط، وأي تغيّر في صفائها ينعكس مباشرة على حدة البصر وجودة الحياة. يُعدّ ضمور القرنية (Corneal Dystrophy) أحد أكثر الاضطرابات شيوعًا التي تصيب هذه الطبقة الرقيقة، وقد يكون الأمر محيّرًا لصاحب الحيوان الأليف عندما يلاحظ تغيّر لون العين أو انطفاء لمعانها.
في هذا الدليل المُفصَّل نستعرض أسباب ضمور القرنية عند القطط، أعراضه، طرق التشخيص والعلاج، بالإضافة إلى نصائح واقعية للعناية المنزلية والوقاية للحفاظ على بصر قطك سليمًا قدر الإمكان.
ما هو ضمور القرنية؟
يُعرَّف ضمور القرنية بأنه حالة وراثية أو مكتسبة تؤدي إلى تراكم مواد غريبة – غالبًا شحوم (Lipids) أو معادن (كالسيوم) – داخل طبقات القرنية الثلاث (السطحية، المتوسطة، العميقة). ومع مرور الوقت تصبح القرنية أقل شفافية، فيُلاحظ عليها غشاوة بيضاء أو رمادية قد تتطور إلى فقدان جزئي أو كامل للرؤية.
أنواع ضمور القرنية
- الضمور الظاهري (Epithelial): يصيب الطبقة الخارجية ويكون عادةً وراثيًا.
- الضمور اللحمي أو السُّدوي (Stromal): يتراكم فيه الكوليسترول أو الدهون داخل النسيج اللحمي للقرنية.
- الضمور الباطني (Endothelial): يصيب الطبقة الداخلية ويؤثر على تحكم القرنية في السوائل، ما يؤدي إلى انتفاخها (وذمة).
الأسباب وعوامل الخطر
على الرغم من أن السبب الوراثي هو الأكثر شيوعًا، إلا أنّ هناك عوامل أخرى قد تُسرّع أو تزيد احتمال الإصابة:
- الوراثة، خاصة في بعض السلالات مثل الفارسي والسيامي.
- التهاب القرنية المزمن أو تكرار الإصابات.
- نقص بعض العناصر الغذائية وارتفاع الدهون في الدم.
- الاضطرابات المناعية واضطرابات الغدد الصماء (مثل قصور الغدة الدرقية).
- التقدّم في العمر، إذ تصبح خلايا القرنية أقل كفاءة في طرد الفضلات.

الأعراض التي يجب الانتباه لها
قد تكون الأعراض خفيفة في البداية، لكن ملاحظتها باكرًا يُحسِّن فرص العلاج:
- عتمة بيضاء أو رمادية في مركز أو محيط العين.
- زيادة الدموع أو الإفرازات المخاطية.
- احمرار العين وحساسية زائدة للضوء.
- حَكّ القط لعينه أو كثرة الرَمش والغمز.
- انخفاض ملحوظ في النشاط بسبب ضعف الرؤية.
ملاحظة: لا يعني ظهور بُقعة بيضاء دائمًا وجود ضمور، فقد يكون قرحـة أو التهابًا، لذا يبقى الفحص البيطري هو الفيصل.
كيف يشخّص الطبيب البيطري الحالة؟
يعتمد التشخيص الدقيق على مجموعة من الاختبارات المتكاملة:
- المعاينة الضوئية: فحص القرنية تحت ضوء مباشر وعدسات تكبير.
- صبغة الفلوريسئين: للكشف عن التقرّحات أو الخدوش.
- قياس الضغط داخل العين (Tonometry): لاستبعاد المياه الزرقاء.
- تحليل الدم: لقياس نسب الدهون والكوليسترول أو استبعاد أمراض جهازية.
- التصوير بالموجات فوق الصوتية أو الميكروسكوب الضوئي: لتقييم سُمك القرنية وعمق الترسبات.

خيارات العلاج
تختلف خطة العلاج باختلاف نوع الضمور ودرجته، وقد يجمع الطبيب بين أكثر من خيار:
1. المراقبة والمتابعة الدورية
في الحالات الخفيفة التي لا تؤثر على الرؤية أو تسبب ألمًا، قد يكتفي الطبيب بالمراقبة مع ضبط الحمية الغذائية وخفض الدهون.
2. الأدوية الموضعية
- قطرات مُرطِّبة للحفاظ على رطوبة القرنية.
- مضادات حيوية موضعية للوقاية من العدوى الثانوية.
- مضادات التهابات غير ستيرويدية لتقليل التهيج.
- قطرات مُذيبة للدهون مثل EDTA في بعض الحالات.
3. التدخل الجراحي
عندما تصبح العتمة معيقة للرؤية أو تُسبب ألماً متكررًا، قد يقترح الطبيب:
- استئصال سطحي للقرنية (Superficial Keratectomy): إزالة الطبقات العلوية المتضررة.
- ترقيع القرنية: استبدال الجزء المُصاب بطعم حيوي أو صناعي.
- علاج بالليزر أو الكيّ بالتبريد: لتسطيح ترسبات الكالسيوم أو الدهون.

الرعاية المنزلية ونمط الحياة
بعد الخروج من العيادة، يأتي دورك في دعم التعافي ومنع الانتكاسات:
- التزم بجدول الأدوية بدقة ولا تُوقف العلاج فجأة.
- وفّر إضاءة متوازنة وغير ساطعة في أماكن جلوس القط.
- قلل مستوى الغبار في المنزل ونظّف الفِراش والألعاب بانتظام.
- اعتمد نظامًا غذائيًا متوازنًا منخفض الدهون بعد استشارة الطبيب.
- أعد زيارات متابعة كل 4–6 أسابيع أو وفق تعليمات الطبيب.

الوقاية أفضل من العلاج
فيما يلي خطوات بسيطة تُقلِّل خطر ضمور القرنية أو تُبطئ تقدمه:
- فحص العينين ضمن الزيارات البيطرية الروتينية مرة على الأقل سنويًا.
- تجنُّب تعريض القط للمواد الكيميائية أو العطور القوية.
- علاج أي التهابات عينية فور ظهورها حتى لا تتحول إلى حالات مزمنة.
- التأكد من توازن الدهون في النظام الغذائي خاصة لدى السلالات المعرّضة.
أسئلة شائعة
هل ضمور القرنية مؤلم للقطط؟
قد لا يكون مؤلمًا في مراحله الأولى، لكن إذا أدى إلى تهيج أو تقرّحات يصبح الألم واضحًا. بعض القطط تُظهر انزعاجًا خفيفًا فقط، لذلك من المهم مراقبة أي تغيّر في السلوك.
هل يمكن الوقاية من الضمور الوراثي؟
لا يمكن منعه تمامًا، لكن الاكتشاف المبكر والعناية الغذائية قد يؤخران تطوره ويحافظان على رؤية القط لسنوات.
ما مدة الشفاء بعد الجراحة؟
تحتاج القرنية عادةً من 2 إلى 4 أسابيع للالتئام الأولي، مع تحسّن تدريجي في الشفافية خلال بضعة أشهر. يُضبط العلاج الدوائي خلال هذه الفترة لتجنّب العدوى والتندب.
خلاصة
يظل ضمور القرنية حالة قابلة للإدارة طالما تم التشخيص مبكرًا وتقديم الرعاية المناسبة. تذكّر أن عينَي قطك لا تُقدَّران بثمن؛ زيارة بيطرية سريعة عند ملاحظة أي تغيّر قد تمنع تدهورًا كبيرًا في الرؤية وتضمن حياة مليئة بالاكتشاف والقفز والمرح.