سواء كنتَ صاحب إسطبل محترف أو فارسًا هاويًا، فإن صحة جلد حصانك جزء لا يتجزأ من أدائه وراحته. تُعَدّ السعفة (Ringworm) واحدةً من أكثر الإصابات الجلدية الفطرية شيوعًا لدى الخيول، وهي مشكلة مُعدية يمكن أن تنتقل بين الخيول وحتى إلى البشر إذا لم تُعالج بالشكل الصحيح. في هذا الدليل المفصّل، ستتعرّف على كل ما تحتاج إلى معرفته عن السعفة: من الأسباب والأعراض مرورًا بالتشخيص، وصولًا إلى بروتوكولات العلاج والوقاية الفعّالة.
ما هي السعفة عند الخيول؟
على عكس ما يوحي الاسم، السعفة ليست “دودة” بل عدوى فطرية تُسبّبها أنواع من الفطريات الجلدية (Dermatophytes) مثل Trichophyton equinum و Microsporum gypseum. تتغذّى هذه الفطريات على الكيراتين الموجود في الشعر والطبقة السطحية للجلد، ما يؤدي إلى بقع مستديرة خالية من الشعر مع قشور أو قشرة رمادية.
الأسباب ودورة حياة الفطر
تبدأ العدوى عادةً بتلامس مباشر مع فطر موجود على جلد أو فراء حصان مصاب، أو عبر أدوات العناية والسرج الملوّثة، أو حتى من أسطح البيئة المحيطة مثل الجدران الخشبية والأرضيات الرطبة. بمجرد وصول الكونيديا (الأبواغ) إلى الجلد، تتكاثر تحت الظروف الرطبة والدافئة وتخترق بصيلات الشعر.
العوامل المؤهِّبة للإصابة
- صِغار الخيول وكبار السن بسبب مناعتهم الأضعف.
- الإجهاد الناتج عن السفر أو المنافسات.
- نقص التغذية، خصوصًا البروتين والفيتامينات.
- البيئات الرطبة والمغلقة وقلة التعرّض لأشعة الشمس.
- الجروح أو الخدوش التي تكسر حاجز الجلد الطبيعي.
هل السعفة معدية؟
نعم، السعفة عدوى زّونُوزية (قابلة للانتقال إلى البشر) ويمكن أن تنتقل بسهولة بين الخيول عبر التلامس المباشر أو غير المباشر. لذلك يُوصى بارتداء القفازات وغسل اليدين جيدًا بعد التعامل مع حصان مصاب.
أي حصان يُظهر بقعًا دائريةً خاليةً من الشعر يجب عزله فورًا عن بقية القطيع لحين تأكيد التشخيص.
الأعراض والعلامات السريرية
قد تختلف الأعراض باختلاف مرحلة العدوى، لكنها غالبًا تشمل:
- بقع مستديرة خالية من الشعر ذات حواف مرتفعة أو ملتهبة.
- قشرة سميكة رمادية أو صفراء فوق المنطقة المصابة.
- حكّ خفيف أو متوسط؛ بعض الخيول لا تبدو منزعجة.
- انتشار الآفات في مناطق الاحتكاك مثل منطقة السرج، الكَفل، الرقبة والرأس.
- تغيّر لون الجلد أو احمراره أحيانًا.
كيفية تشخيص السعفة
على الرغم من أنّ المظهر السريري قد يكون كافيًا في بعض الحالات، إلا أنّ التشخيص المؤكّد يتمّ بواحد أو أكثر مما يلي:
- الفحص المجهري الشعري (Trichogram): حيث تُفحص الشعرة بحثًا عن الفطريات.
- زراعة الفطريات: تُؤخذ عينات من الشعر والقشور وتوضع في وسط غذائي خاص. تظهر النتيجة خلال 7‒14 يومًا.
- فحص المصباح الخشبي (Wood’s Lamp): بعض أنواع Microsporum تتوهّج باللون الأخضر.
- اختبار PCR: للحصول على نتيجة أسرع وأكثر دقة.
خيارات العلاج
عادةً ما تُشفى السعفة ذاتيًا خلال 6‒12 أسبوعًا، لكن العلاج يُقصِّر مدة العدوى ويحدّ من انتشارها:
- العلاجات الموضعية: شامبو مضاد للفطريات يحتوي على كلورهيكسيدين أو مَيكُـونازول أو إينيلكونازول.
- رُشاشات أو مراهم: قد تحتوي على أزولّات مثل الكيتوكونازول.
- العلاجات الجهازية: في الحالات الشديدة تُستخدم أدوية فموية مثل غريزوفولفين أو إيتراكونازول تحت إشراف بيطري.
- دعم مناعي: تحسين النظام الغذائي وإضافة مضادات الأكسدة.
خطوات التطبيق العملي للعلاج
- قَص الشعر حول الآفات لتسهيل وصول الدواء.
- غسل المنطقة المصابة بالشامبو المضادّ للفطريات وتركه 10 دقائق قبل الشطف.
- تجفيف الجلد جيدًا بمنشفة نظيفة.
- تكرار الغسل مرتين أسبوعيًا حتى شفاء الآفات تمامًا.
الرعاية المنزلية وتعقيم البيئة
نجاح العلاج يعتمد على القضاء على الأبواغ في البيئة:
- غسل السروج والأحزمة وأدوات العناية بمحلول مخفَّف من هيبوكلوريت الصوديوم (1:10).
- تنظيف الجدران والأرضيات بمنتج مطهِّر مضاد للفطريات.
- تجنُّب تشارك الفُرَش أو البطانيات بين الخيول.
- ترك الإسطبل مُهوّى ومُشمِس قدر الإمكان، فالضوء فوق البنفسجي يقتل الأبواغ.
التعافي والتوقعات
غالبية الخيول تتعافى كليًا خلال 3‒6 أسابيع من بدء العلاج، إلا أنّ بقاء الأبواغ في البيئة قد يؤدي إلى حالات تكرار. يجب متابعة الفحص البيطري للتأكد من خلو الجلد من الفطر قبل إعادة دمج الحصان مع بقية القطيع.
الوقاية وتقليل مخاطر التفشّي
- عزل أي حصان جديد لمدّة لا تقل عن أسبوعَين قبل إدخاله إلى القطيع.
- التأكد من نظافة الأدوات المشتركة وتعقيمها بعد كل استخدام.
- توفير حمية متوازنة وغنية بالفيتامينات والمعادن لدعم جهاز المناعة.
- الحفاظ على بيئة جافة خالية من الرطوبة الزائدة.
- مراقبة الخيول بانتظام لاكتشاف أي آفات جلدية في مراحلها المبكرة.
أسئلة شائعة
1. هل يمكن أن أُصاب بالسعفة من حصاني؟
نعم، السعفة مرض زّونُوزي. ارتدِ القفازات واغسل يديك جيدًا بعد التعامل مع الحصان المصاب، واطلب نصيحة طبيب بشري إذا ظهرت لديك آفات جلدية.
2. هل السعفة مؤلمة للخيول؟
غالبًا لا تسبِّب ألمًا شديدًا، لكن الحكة والتهيّج قد يزعجان الحصان ويؤثران على أدائه.
3. هل يمكن أن تعود العدوى مرةً أخرى؟
إذا لم تُعقَّم البيئة بالكامل أو بقيت أدوات ملوثة، فقد تحدث عدوى متكررة. لذلك تُعد الوقاية والتعقيم خطوة أساسية بعد العلاج.
الخلاصة
السعفة عند الخيول ليست مرضًا خطيرًا في العادة، لكنها مُعدية ومزعجة. بالوعي المبكر، والتشخيص الدقيق، والعلاج الممنهج، يمكنك حماية حصانك وإسطبلك من انتشار العدوى وضمان عودة الحصان إلى نشاطه المعتاد بسرعة وأمان.
المراجع
- ويكيبيديا. “عدوى السعفة.” , 2023. ar.wikipedia.org