سوسة الأكياس الهوائية في الطيور: الدليل الشامل للأعراض، التشخيص، العلاج والوقاية

تُعَدّ سوسة الأكياس الهوائية (Sternostoma tracheacolum) واحدة من أكثر الطفيليات الداخلية شيوعًا وخطورةً التي تُصيب الجهاز التنفسي للطيور الأليفة، خصوصًا الكناري والحسَّاسين والطيور المغرِّدة الصغيرة الأخرى. وعندما تتسلل هذه الطفيليات الدقيقة إلى القصبة الهوائية والرئتين والأكياس الهوائية، فإنها تُعطِّل التنفس السلس للطيور وقد تُعرِّض حياتها للخطر إن لم يُكتشف الأمر مبكرًا ويُعالَج بالشكل الصحيح.
في هذا الدليل الشامل ستتعرّف على:
- كيفية حدوث العدوى والطيور الأكثر عرضة للإصابة.
- أهم العلامات والأعراض التي تدفعك لإجراء فحص فوري.
- خطوات التشخيص التي يعتمد عليها الطبيب البيطري.
- أفضل بروتوكولات العلاج والدعم المنزلي.
- إرشادات الوقاية لحماية بقية أفراد السرب.
لمحة سريعة عن الجهاز التنفسي للطيور
يختلف تنفس الطيور عن الثدييات؛ إذ يمتلك الطائر نظامًا معقدًا من الأكياس الهوائية التي تسمح بتدفق هواء متواصل عبر الرئتين حتى أثناء الشهيق والزفير. لذا، فإن أي انسداد أو التهاب في هذا النظام الدقيق قد يؤدي إلى اختلال وظيفي واضح يظهر سريعًا على شكل صعوبة تنفس وإجهاد عام.
ما هي سوسة الأكياس الهوائية؟
سوسة الأكياس الهوائية هي طفيليات مِجهرية الحجم تتغذى على دم الطائر وأنسجته داخل الجهاز التنفسي. تستقر عادةً في:
- القصبة الهوائية (trachea)
- الحُنجرة والغُضروف الصوتي (syrinx)
- الرئتين والأكياس الهوائية الأمامية والخلفية
تضع الأنثى البيوض داخل مجرى الهواء، لتفقس اليرقات وتُكمل دورة حياتها خلال بضعة أسابيع، ما يؤدي إلى تهيج شديد للأغشية المخاطية.

الطيور الأكثر عُرضة للإصابة
- الكناري
- الحسَّاسين والعصافير المغرِّدة (Gouldian, Zebra Finch…)
- البادجي وأصناف الببغاوات الصغيرة
- الطيور حديثة الفقس وضعيفة المناعة
- الطيور المُكدَّسة في أقفاص مزدحمة أو سيئة التهوية
كيف تنتقل العدوى؟
تنتقل السوسة أساسًا عبر التلامس المباشر بين الطيور، مثل مشاركة المجاثم وأوعية الماء أو عند إطعام الأبوين للفراخ. وقد تنتقل كذلك بصورة غير مباشرة عبر:
- أدوات التنظيف الملوثة
- تيارات الهواء في غرف طيور تربية مشتركة
- إدخال طائر جديد مُصاب من دون فترة حجر صحي
تستطيع السوسة البقاء على قيد الحياة خارج جسم العائل لبضع ساعات، ما يجعل التعقيم الدوري للأقفاص ضرورة قصوى.
علامات وأعراض الإصابة
غالبًا ما تبدأ الإصابة بشكل صامت، لكن التدهور يمكن أن يكون سريعًا. انتبه لـالعلامات المبكرة التالية:
- صوت صفير خافت أو تغيّر مفاجئ في تغريد الطائر
- فتح المنقار للتنفس حتى في حال الراحة
- اهتزاز الذيل للأعلى والأسفل مع كل نَفَس (Tail Bobbing)
- سعال أو عطاس متكرر
- خمول وفقدان شهية تدريجي

علامات متقدمة تستدعي تدخلاً فوريًا
- إفرازات رغوية أو دموية من الفم أو الأنف
- صعوبة شديدة في التنفس مع ارتفاع الأجنحة
- اسـتــلقاء الطائر في قاع القفص وفقدان التوازن
- زرقة منقار أو أرجل الطائر بسبب نقص الأكسجين
- هُزال شديد وفقدان سريع للوزن
في المراحل المتقدمة قد تؤدي السوسة إلى انسداد كامل للقصبة الهوائية وموت مفاجئ.
متى يجب زيارة الطبيب البيطري؟
أي طائر يُظهر صعوبة تنفس أو تغيُّرًا مفاجئًا في صوته يحتاج إلى فحص بيطري خلال 24 ساعة كحد أقصى، فالتأخير قد يكلّف الطائر حياته.
طرق التشخيص

- التنظير الداخلي: يُدخِل الطبيب كاميرا دقيقة عبر القصبة الهوائية لرؤية السوسة مباشرة.
- مسحة قصبية أو حنجريّة: تُفحص تحت المجهر للكشف عن الطفيليات أو بيضها.
- الأشعة السينية: تُبيّن سماكة جدران الأكياس الهوائية أو وجود بقع التهابية.
- الفحص السريري: يركز على أصوات التنفس، لون الأغشية المخاطية، ومستوى النشاط.
- الاستجابة للعلاج التجريبي: أحيانًا يبدأ الطبيب بالعلاج ويراقب تحسن الأعراض لتأكيد التشخيص.
خيارات العلاج المُتاحة
يُعَدّ عقار Ivermectin أو أدوية الأفرمكتين المماثلة حجر الأساس في القضاء على السوسة، ويُعطى عادةً على شكل:
- نقطة موضعية خلف الرقبة (0.2–0.4 ملغم/كغم)
- جرعة فموية تُكرر بعد 10–14 يومًا لقتل اليرقات الناشئة

قد يصف الطبيب أيضًا:
- مضادًا حيويًا واسع الطيف لمواجهة العدوى البكتيرية الثانوية.
- علاج استنشاقي (Nebulization) بمحلول ملحي لتقليل المخاط وتحسين التنفس.
- أكسجين داعم للحالات الحرجة.
رعاية الطائر أثناء فترة العلاج
- ضع الطائر في حاضنة أو قفص مستشفى عند حرارة (26–28°م) ورطوبة معتدلة.
- أبعده عن مصادر الإجهاد والضوضاء، ووفّر إضاءة هادئة.
- قدّم طعامًا طريًا عالي الطاقة (بيض مسلوق، خضروات مطهوة على البخار).
- راقب وزن الطائر يوميًا وسجّل معدل تنفّسه.
- استمر في إعطاء الدواء وفق الجداول المقررة حتى لو بدا الطائر متعافيًا.
خطوات الوقاية وحماية السرب

- الحجر الصحي: اعزل أي طائر جديد لمدة 30 يومًا تحت مراقبة بيطرية.
- التعقيم الدوري: نظّف الأقفاص والأوعية بمطهر آمن للطيور مرة أسبوعيًا على الأقل.
- التهوية الجيدة: استخدم مراوح شفط وتجنّب الدخان أو الروائح القوية في غرفة الطيور.
- تقليل الكثافة العددية: امنح كل طائر مساحة كافية للطيران وتحريك الأجنحة.
- التغذية المتوازنة: النظام الغذائي الغني بالفيتامينات يعزز المناعة ويُصعِّب مهمة الطفيليات.
- زيارات بيطرية دورية: فحص نصف سنوي للكشف المبكر عن أي خلل تنفسي.
أسئلة شائعة
هل يمكن أن تُصاب الطيور البرية بسوسة الأكياس الهوائية؟
نعم، لكن الطيور البرية تمتلك عادةً جهاز مناعة أقوى وقدرات هروب تسمح لها بتقليل شدة العدوى. ومع ذلك، تبقى ناقلًا محتملًا للطفيليات إذا اقتربت من أقفاص الطيور الأليفة.
هل تمثل سوسة الأكياس الهوائية خطرًا على الإنسان؟
لا توجد دلائل على انتقال هذه السوسة إلى البشر، لكنها قد تسبب حساسية أو تهيجًا تنفسيًا خفيفًا لمن يعانون الربو نتيجة الغبار والريش المتطاير، لذا يُفضل ارتداء كمامة أثناء التنظيف.
كم يستغرق الشفاء الكامل؟
تبدأ معظم الطيور بالتحسن خلال 48–72 ساعة من الجرعة الأولى من الإيفرمكتين، لكن القضاء التام على السوسة يحتاج عادةً إلى 3–4 أسابيع مع إعادة الجرعات وتنظيف البيئة.
الخلاصة
رغم صِغر حجم سوسة الأكياس الهوائية، فإن تأثيرها على صحة طيورك قد يكون مدمرًا إن أُهملت. احرص على المراقبة اليومية لسلوك الطيور وأصواتها، ووفّر بيئة نظيفة وخالية من الضغوط، ولا تتردد في استشارة الطبيب البيطري عند أول علامة اضطراب. الوقاية هي خط الدفاع الأول، لكن التشخيص المبكر والعلاج السريع يصنعان فرقًا بين حياة الطائر وموته.
