دورة تكاثر الخيل: الدليل الكامل لإدارة موسم التزاوج بنجاح
يُعد فهم دورة تكاثر الخيل أمرًا أساسيًا لكل مُربٍ أو مالك يرغب في الحصول على مهر قوي وصحيح البنية. تتأثر خصوبة الفرس والفحل بعدة عوامل مثل الموسم، والإضاءة، والتغذية، والرعاية البيطرية. في هذا الدليل الشامل ستتعرّف على كل ما تحتاج معرفته عن دورة الشبق، علامات التزاوج، أفضل توقيت للتلقيح، إضافةً إلى نصائح عملية لضمان نتائج مثالية.
المفاهيم الأساسية في دورة الشبق
تعمل دورة الشبق عند الفرس (Estrous Cycle) بمتوسط 21 يومًا، وهي مقسَّمة إلى مرحلتين رئيسيتين:
- الديستروس (Diestrus) – فترة الهدوء الهرموني التي تستمر نحو 14–16 يومًا.
- الإستروس (Estrus) – ما يُعرف بالـ«حرارة» أو «الشبق» وتدوم عادةً 5–7 أيام، وتحدث الإباضة غالبًا خلال آخر 24–48 ساعة منها.
إدراك هذه التفاصيل يُساعدك على تحديد الوقت الأمثل للتزاوج أو التلقيح الصناعي، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على معدلات الحمل.

موسمية التكاثر عند الخيول
تتأثر دورة تكاثر الخيل بطول ساعات النهار. فكلما طال النهار في الربيع والصيف، زادت استجابة المبايض للهرمونات. بينما تدخل معظم الأفراس في فترة السكون الجنسي (Anestrus) خلال أشهر الشتاء، لتعود إلى النشاط تدريجيًا مع اقتراب الربيع. يُطلق على هذه المرحلة الانتقالية اسم المرحلة الانتقالية الربيعية، وقد تتميز بدورات غير منتظمة.
يمكن للمربين تسريع استئناف الدورة باستخدام برنامج إضاءة صناعية (16 ساعة إضاءة يوميًا) يبدأ عادةً في ديسمبر، ما يتيح بداية موسم تناسل مبكرة في فبراير أو مارس.

علامات الشبق عند الأفراس
- رفع الذيل المتكرّر وتباعد الأرجل الخلفية.
- «غمز» الفرج (فتح وإغلاق متكرر للشفرين).
- التبول المستمر بكميات صغيرة.
- الاستجابة الهادئة لاقتراب الفحل أو «حصان التشويق» (Teaser Stallion).
- صدور أصوات صهيل ناعم ومحاولات التقارب من الفحول.
تختلف شدة هذه العلامات من فرس لأخرى، لذلك يُفضَّل تأكيد التبويض بالسونار.

تقييم جاهزية الفرس للتزاوج
- الفحص السريري – يشمل تقييم الحالة البدنية وأسنان الفرس.
- الفحص المهبلي والرحمي – للكشف عن أي التهابات أو تشوهات.
- الموجات فوق الصوتية – لتحديد حجم الجريب ومتابعة لحظة الإباضة بدقة.
- الفحوصات المعملية – مثل قياس مستوى هرمون البروجستيرون أو اختبارات السائل الرحمي.
كل هذه الإجراءات تساعدك على معرفة التوقيت المثالي لإدخال الفحل أو إجراء التلقيح الصناعي.
خصوبة الفحل وكيفية تعزيزها
لضمان أعلى نسب إخصاب، يُنصح بإجراء فحص السلامة التناسلية للفحل (Breeding Soundness Exam) مرة واحدة سنويًا، ويتضمن:
- تحليل السائل المنوي (عدد، حركة، تشوهات).
- فحص الأعضاء التناسلية الخارجية.
- تقييم الرغبة الجنسية واستجابة الفحل عند التشويق.
عوامل مثل التغذية المتوازنة، والتحصين ضد الأمراض التناسلية، والتمرين المنتظم تؤثر مباشرة في جودة السائل المنوي.

طرق التلقيح المتاحة
يوجد ثلاث طرق رئيسية:
- التزاوج الطبيعي (Hand Breeding أو Pasture Breeding) – الأكثر استخدامًا بين مُربي الخيول العربية وخيول السباق.
- التلقيح الصناعي بالسائل المنوي الطازج أو المبرد – يُقلّل خطر انتقال الأمراض ويزيد معدلات الحمل.
- التلقيح الصناعي بالسائل المنوي المجمد – يمنح مرونة في استخدام فحول من مواقع بعيدة أو بعد تقاعدها.
يمكن أيضًا الاعتماد على نقل الأجنّة (Embryo Transfer) للحصول على عدد أكبر من المواليد من فرس بطل أو مشاركة الفرس في المنافسات دون انقطاع.
أفضل وقت للتلقيح
تبعًا لمعظم الدراسات، يُفضَّل إدخال الفحل أو تلقيح الفرس صناعيًا في الفترة من 24 إلى 36 ساعة قبل التبويض أو في غضون 6 ساعات بعده. يساعد الفحص بالسونار مرتين يوميًا أثناء الشبق على تحديد هذه النافذة بدقة.

الحمل ورعاية الفرس الحبلى
يستمر حمل الفرس عادةً من 320 إلى 370 يومًا (بمتوسط 11 شهرًا). إليك أهم ملامح الرعاية:
- التغذية – زيادة البروتين والمعادن تدريجيًا من الشهر السابع.
- التحصينات – لقاح الهربس الخيلي (EHV-1) في الشهرين 5 و7 و9 + لقاحات التيتانوس والإنفلونزا.
- التمرين المعتدل – يحافظ على قوة العضلات ويقلل مضاعفات الولادة.
- الفحوصات الدورية – سونار في اليوم 14 للتأكد من عدم وجود توائم، ثم زيارات كل 60 يومًا.
ما بعد الولادة وإعادة التناسل
تدخل الفرس ما يُسمّى بـحرارة المهر (Foal Heat) بعد 7–10 أيام من الولادة. يمكن التزاوج خلالها إذا كانت الولادة خالية من المضاعفات ولم يحدث تمزق أو التهاب رحمي. ومع ذلك، يفضِّل بعض المربين انتظار الدورة التالية (بعد ~30 يومًا) لضمان تعافي الرحم تمامًا.

مشكلات شائعة وطرق الوقاية
- اضطراب الدورات أثناء المرحلة الانتقالية – قد تُعالج ببرنامج إضاءة أو هرمونات.
- التهاب بطانة الرحم (Endometritis) – يحتاج إلى مضادات حيوية وغسل رحمي.
- البطانة الرحمية الزائدة (Persistent CL) – تُعالج بالبروستاجلاندين.
- أورام المبيض الحبيبي (GCT) – تُشخَّص بالسونار وتحليل الهرمونات وقد تتطلب جراحة.
نصيحة خبير: الاحتفاظ بسجلات دقيقة لكل فرس (تواريخ الشبق، الفحوصات، اللقاحات، التلقيحات) يوفر لك رؤية واضحة لتوقع المشكلات قبل وقوعها.
خاتمة
يمثل نجاح برنامج تكاثر الخيل مزيجًا متوازنًا من العلم، والرعاية اليومية، والخبرة العملية. من خلال مراقبة دورة الشبق بدقة، وإجراء فحوصات بيطرية منتظمة، وتطبيق أفضل الممارسات في التغذية والتحصين، ستزيد فرص الحصول على مواليد بصحة ممتازة ومستقبل واعد في السباقات أو العروض.
المراجع
- ليندسي إي. جريندستاف وآخرون. “تأثير فترة ضوء النهار على النشاط التناسلي عند الأفراس.” , 2011-12-01. pubmed.ncbi.nlm.nih.gov
- الجمعية الأمريكية لأطباء الخيول. “إرشادات التطعيم للفرس الحامل.” , 2018-08-10. aaep.org