داء الرشاشيات عند الطيور: دليل شامل لفهم المرض وعلاجه والوقاية منه
إذا لاحظت أن طائرك الأليف يُعاني من صعوبة في التنفس أو خمول غير معتاد، فقد يكون السبب هو داء الرشاشيات، وهو عدوى فطرية خطيرة تصيب الجهاز التنفسي لمعظم أنواع الطيور الأليفة والبرّية على حد سواء. في هذا الدليل سوف نتعرَّف معاً إلى أسباب المرض وأعراضه وطرق التشخيص والعلاج، بالإضافة إلى نصائح عملية للوقاية.
ما هو داء الرشاشيات؟
داء الرشاشيات (Aspergillosis) هو عدوى فطرية يسببها فطر Aspergillus – غالباً Aspergillus fumigatus. تصل الأبواغ الفطرية إلى الجهاز التنفسي عن طريق الاستنشاق، فتستقرّ في الرئتين والأكياس الهوائية، وقد تمتد لتصيب الجيوب الأنفية والعينين بل وحتى أعضاء أخرى في الحالات المتقدمة.
كيف تنتقل الفطريات إلى الجهاز التنفسي للطائر؟
توجد أبواغ فطر Aspergillus في كل مكان تقريباً: في الهواء، والتربة، والأعلاف المخزَّنة، وقاع الأقفاص. المشكلة تبدأ عندما ترتفع كثافة الأبواغ أو يضعف الجهاز المناعي للطائر.
عوامل الخطر
عوامل بيئية
- علف مُخزَّن في بيئة رطبة أو دافئة يشجّع نمو العفن.
- تهوية سيئة داخل القفص أو الحجرة.
- تكدُّس الطيور في مساحة ضيّقة يرفع مستوى الغبار.
- ارتفاع الرطوبة ودرجات الحرارة بصورة مزمنة.
عوامل مرتبطة بالطائر
- سوء التغذية وخاصةً نقص فيتامين (أ) المسؤول عن سلامة الأغشية المخاطية.
- العلاج طويل الأمد بالمضادات الحيوية أو الكورتيزون الذي يُضعف المناعة.
- التوتر الناتج عن النقل، أو تغير نظام الإضاءة، أو فقدان رفيق.
- صِغَر السن أو كِبَر السن الشديد.

الأعراض والعلامات السريرية
تختلف حِدّة الأعراض باختلاف مرحلة العدوى وقوة الجهاز المناعي للطائر:
الشكل الحاد
- صعوبة مفاجئة في التنفس مع إصدار أصوات صريرية.
- تذبذب الذيل مع كل شهيق وزفير (Tail bobbing).
- خمول وفقدان شهية سريع.
- ازرقاق لون الجلد حول المنقار أو الأرجل بسبب نقص الأكسجين.
الشكل المزمن
- فقدان تدريجي للوزن بالرغم من شهية طبيعية أو منخفضة قليلاً.
- تغير في الصوت أو بحة واضحة.
- ريش باهت ومظهر غير مرتّب.
- زيادة استهلاك الماء (عطش متواصل).
- نزيف أو إفرازات أنفية في بعض الحالات.

طرق التشخيص الحديثة
يبدأ الطبيب البيطري بفحص بدني شامل، ثم يطلب واحداً أو أكثر من الفحوص التالية لتأكيد الإصابة:
- صور أشعة سينية (X-ray): تُظهر عتامة غير طبيعية في الرئتين أو الأكياس الهوائية.
- التنظير الصدري أو الجيوب الأنفية: يسمح برؤية اللويحات الفطرية وأخذ عيّنات مباشرة.
- اختبارات مصلية (Serology): لقياس الأجسام المضادة أو مولدات الضد الفطرية.
- زراعة فطرية: عيّنة من التنفس أو الغشاء المخاطي تُزرع في مختبر لتحديد الفطر.
- تحليل دم شامل: ارتفاع كريات الدم البيضاء وتغيّر نسبة البروتين علامة على الالتهاب.

خيارات العلاج
يعتمد نجاح العلاج على الاكتشاف المبكر والتزام المربي بتعليمات الطبيب:
- مضادات فطرية فموية: مثل إيتراكونازول (Itraconazole) أو فوريكونازول (Voriconazole) لأسابيع أو أشهر.
- تبخيرات (Nebulization): محاليل أمفوتيريسين-B أو فوركونازول تصل مباشرة إلى الأكياس الهوائية.
- إزالة جراحية: في الحالات المتقدمة لإزالة لويحات فطرية تسد مجرى الهواء.
- دعم مناعي وتغذوي: مكملات فيتامين (أ) و(ه) وسوائل تعويضية.
- أكسجين إضافي: للحالات التي تعاني ضيق تنفس حاد.

التعافي والرعاية المنزلية
يحتاج الطائر غالباً إلى عزل في مكان هادئ، ودرجة حرارة ثابتة، ومراقبة يومية للوزن والغذاء والماء. احرص على تنظيف القفص يومياً وتغيير الفرشة والقِطع الخشبية لتقليل الغبار.
الوقاية خير من العلاج
- احفظ الحبوب والأعلاف في أوعية جافة ومحكمة الإغلاق بعيداً عن الرطوبة.
- وفّر تهوية جيدة للقفص واستخدم فلاتر هواء عند الحاجة.
- نظّف أوعية الطعام والشراب يومياً بالماء الساخن والصابون.
- قدّم نظاماً غذائياً متوازناً غنيّاً بالفيتامينات، مع التركيز على فيتامين (أ).
- قلّل مصادر التوتر بنظام إضاءة ثابت وجدول يومي منتظم.

أسئلة شائعة
هل داء الرشاشيات معدٍ للبشر؟
إصابة البشر من الطيور نادرة للغاية، لكنها قد تحدث لدى الأشخاص ضعيفي المناعة. لذلك يُنصح بارتداء قفازات وماسك أثناء تنظيف القفص.
هل يمكن شفاء الطائر تماماً؟
نعم، شريطة التشخيص المبكر والالتزام بالعلاج لفترة كافية قد تصل إلى عدة أشهر.
ما المدة التي يستغرقها العلاج؟
غالباً ما يستمر العلاج بين 4 و 12 أسبوعاً، وقد يطول في الحالات المزمنة. لا تُوقف الدواء إلا بعد تأكيد الطبيب خلو الطائر من العدوى.
خاتمة
يظل داء الرشاشيات واحداً من أخطر أمراض الجهاز التنفسي عند الطيور، لكن المعرفة الجيدة ونظافة البيئة والتغذية السليمة تشكّل جدار الحماية الأول. راقب طائرك باستمرار، ولا تتردد في استشارة الطبيب البيطري عند ملاحظة أي تغيُّر في سلوكه أو تنفُّسه.