تورّم الغدد اللعابية عند القطط: دليل شامل للتشخيص والعلاج والوقاية
إذا لاحظت انتفاخًا ليّنًا تحت فك قطّك أو تورّمًا مفاجئًا أسفل لسانه، فقد يكون مصابًا بحالة تُعرف طبّيًا باسم سيلوسيل أو موكوسيل الغدد اللعابية. ورغم أنّها ليست من المشكلات الشائعة، إلّا أنّ إهمالها قد يؤدّي إلى مضاعفات خطيرة مثل العدوى أو صعوبة التنفّس. في هذا الدليل ستتعرّف على كل ما تحتاج إليه: من آلية حدوث التورّم، مرورًا بالتشخيص الدقيق، وصولًا إلى خيارات العلاج والرعاية المنزلية.

ما هو تورّم الغدد اللعابية (سيلوسيل)؟
تورّم الغدد اللعابية هو تجمّع غير طبيعي للعاب في الأنسجة المحيطة بإحدى الغدد أو قنواتها بسبب تسرُّب أو انسداد. يُكوِّن هذا اللعاب كيسًا طريًا مملوءًا بالسائل قد يكون غير مؤلم في البداية، لكنه يضغط مع الوقت على الأنسجة المجاورة مسببًا مشكلات في الأكل أو التنفّس.
كيف تعمل الغدد اللعابية لدى القطط؟
تُفرز الغدد اللعابية اللعاب الذي يساعد على ترطيب الفم، بدء هضم الطعام، وتسهيل البلع. وأهم الغدد اللعابية عند القط هي:
- الغدة النكفية (Parotid)
- الغدة تحت الفك السفلي (Mandibular)
- الغدة تحت اللسان (Sublingual)
- الغدد الوجنية والشفتية الصغيرة

كيف يبدو تورّم الغدد اللعابية؟
عادةً ما يظهر التورّم على شكل انتفاخ إسفنجي تحت الفك السفلي أو أسفل اللسان. في بعض الحالات النادرة قد يُرى التورم بجانب العين أو خلف الأذن إذا كانت الغدة النكفية هي المصابة. يزداد حجم الكيس تدريجيًا، وقد يتمزّق فينزف اللعاب داخل جوف الفم أو خارجه.
لاحظ أن موكوسيل الغدة تحت اللسان قد ينفجر داخل الفم مُحدثًا بركة صغيرة من اللعاب تحت اللسان تُسمّى بلغة الأطباء “رانولا”.
الأعراض الشائعة
- تورّم ليّن غير مؤلم أسفل الفك أو تحت اللسان
- سيلان لعاب مفرط أو خروج لعاب مدمّى
- رائحة فم كريهة
- صعوبة في المضغ أو البلع، وقد يرفض القط الطعام الصلب
- فقدان الشهية أو خسارة وزن ملحوظة
- أصوات خرخرة أو صعوبة تنفّس إذا ضغط التورّم على القصبة الهوائية
- ألم طفيف عند لمس المنطقة أو رفع الرأس

الأسباب المحتملة
تحدث السيلوسيلات عندما يتمزّق القناة أو الغدة نفسها فيتسرّب اللعاب إلى الأنسجة، أو عند انسداد القناة مما يسبّب تراكم اللعاب. تشمل الأسباب:
- إصابة مباشرة: عضّة حيوان، جرح نافذ، أو صدمة حادّة أثناء اللعب.
- انسداد القناة: حصاة لعابية، جسم غريب، أو ندبة تضييق مجرى اللعاب.
- التهاب الغدة: عدوى بكتيرية أو فيروسية تؤدي إلى تلف الأنسجة.
- أورام حميدة أو خبيثة: أقل شيوعًا لكنها قد تعيق تصريف اللعاب.
- عيوب خلقية: ضعف بنيوي في جدران القنوات يؤدي إلى تسرّب اللعاب.
كيفية التشخيص
يبدأ التشخيص بتاريخ مرضي شامل وفحص سريري دقيق يتلمّس فيه الطبيب البيطري التورّم ويحدّد مدى طراوته وحجمه.
الفحوصات التصويرية
- الموجات فوق الصوتية: الأكثر شيوعًا لتحديد موقع الكيس وتمييزه عن الخراج أو الورم.
- الأشعة السينية باستخدام مادة تباين (Sialography): تُظهر شكل القناة وأماكن التسريب.
- التصوير المقطعي (CT) أو الرنين المغناطيسي (MRI): يُستخدم في الحالات المعقدة أو المشتبه بوجود أورام.
تحليل العينة
قد يأخذ الطبيب عيّنة بإبرة دقيقة من محتويات الكيس لتحليلها؛ يظهر السائل عادةً صافياً أو مائلًا إلى اللون القشدي دليلًا على اللعاب، ويُستبعد الخراج إذا لم توجد خلايا صديدية كثيرة.

خيارات العلاج
يعتمد العلاج على حجم التورّم وسببه الأساسي:
1. التفريغ بالإبرة (Aspiration)
يُعتبر حلاً مؤقتًا لتخفيف الضغط إذا كان التورّم ضاغطًا على القصبة الهوائية، لكنه لا يمنع إعادة الامتلاء.
2. استئصال الغدة اللعابية جراحيًا
العلاج الأمثل والدائم؛ تُزال الغدة المصابة بالكامل مع تفريغ الكيس. وتُجرى الجراحة عادةً تحت تخدير عام، مع نسبة نجاح تتجاوز 90٪.

3. العلاج الدوائي
- مضادات حيوية: إذا وُجد التهاب ثانوي.
- مسكّنات للألم ومضادات التهاب: لتقليل الانزعاج خلال التعافي.
الرعاية المنزلية وفترة النقاهة
بعد الجراحة يحتاج القط إلى:
- ارتداء طوق الوقاية (Elizabethan collar) لمنع حكّ الجرح.
- استخدام كمادات باردة خفيفة في الأيام الأولى لتخفيف الورم.
- تقديم طعام طري أو مبلّل لتقليل الجهد أثناء المضغ.
- إعطاء الأدوية في مواعيدها، ومراقبة أي احمرار أو إفراز غير طبيعي.

كيف يمكن الوقاية؟
لا توجد طريقة مضمونة لمنع كل حالات تورّم الغدد اللعابية، لكن يمكنك:
- منع الشجارات مع الحيوانات الأخرى قدر الإمكان.
- إبقاء البيئة خالية من الأجسام الحادة أو الصغيرة التي قد تعلق في الفم.
- فحص فم القط دوريًا لاكتشاف أي تورّم أو إصابة في وقت مبكر.
- الحفاظ على صحة الفم عبر تنظيف الأسنان وتوفير تغذية متوازنة.
متى يجب استشارة الطبيب البيطري فورًا؟
- صعوبة تنفّس مفاجئة أو شخير مرتفع.
- تورّم سريع النمو خلال ساعات.
- نزيف مستمر أو خروج صديد ذي رائحة كريهة.
- خمول شديد أو فقدان شهية كامل.
أسئلة شائعة
هل يمكن أن يزول تورّم الغدة اللعابية من تلقاء نفسه؟
نادراً ما يختفي دون تدخل. حتى إذا تفجّر الكيس، غالبًا ما يمتلئ مجددًا. لذا يُنصح بالعلاج الجراحي.
كم تبلغ مدة التعافي بعد استئصال الغدة؟
يبدأ القط في الشعور بالتحسّن خلال 3–5 أيام، لكن الشفاء الكامل والتئام الجرح يستغرقان نحو أسبوعين.
هل يؤثر استئصال الغدة على كمية اللعاب أو الهضم؟
لا، فهناك عدة غدد أخرى تعوّض النقص، وغالبية القطط لا تعاني أي مشكلات طويلة الأمد.
خاتمة
تورّم الغدد اللعابية مشكلة قد تبدو بسيطة لكنها قد تتحول إلى حالة طارئة إذا أعاقت التنفس أو أصيبت بالعدوى. مراقبة أي تغيّر في منطقة الرقبة أو الفم واستشارة الطبيب البيطري مبكّرًا يختصران على قطك الكثير من المعاناة ويزيدان فرص الشفاء التام.
المراجع
- د. حسام مجدي. “عناية القطط بعد إجراء العمليات الجراحية..” , 2021-11-20. www.catrecovery.com
- د. عوض حسين. “الأمراض الشائعة التي تصيب الغدد اللعابية عند القطط..” , 2022-07-19. www.catdiseases.com