تمدد الشريان عند الخيول: دليل شامل لفهم الأسباب والأعراض وطرق التشخيص والعلاج

قد يبدو القلب والأوعية الدموية للفرس القوي غير قابلة للكسر، إلا أنّ بعض الخيول قد تصاب بضعف موضعي في جدار أحد الشرايين يُعرَف باسم تمدد الشريان أو أمّ الدم. هذه الحالة، وإن كانت نادرة، قد تهدّد حياة الجواد إذا لم تُكتشف في الوقت المناسب. في السطور التالية ستجد كل ما تحتاج إلى معرفته، بدءًا من كيفية حدوثها، مرورًا بعلاماتها المبكرة، وصولًا إلى أحدث أساليب التشخيص والعلاج والرعاية المنزلية.

ما هو تمدد الشريان (أم الدم) عند الخيول؟

تمدد الشريان هو انتفاخ غير طبيعي في جزء من الشريان نتيجة ضعف في طبقات جداره. يشبه الأمر بالونة تنمو تدريجيًّا مع استمرار ضغط الدم داخل الوعاء؛ وكلما ازداد حجم الانتفاخ، ارتفع خطر تمزّقه وحدوث نزيف داخلي قد يكون قاتلًا.

كيف يحدث تمدد الشريان؟

تعريف مبسط

يحدث تمدد الشريان عندما يفقد جدار الشريان مرونته أو تُصاب أليافه العضلية بتلف، ما يجعله غير قادر على مقاومة ضغط الدم الطبيعي. غالبًا ما تتأثر الشرايين الكبرى في الرقبة والصدر، ولا سيّما الشريان البطني الأمامي والشريان المعوي المساريقي في الخيول.

الآلية المرضية

على المستوى المجهري، يسبّب الالتهاب المزمن أو العدوى أو طفيليات مثل Strongylus vulgaris تآكلًا للألياف المرنة والعضلية في جدار الشريان. بعد ذلك يتكوّن جيب أو توسّع يملؤه الدم ويضغط باستمرار على الجدار الضعيف، مؤديًّا إلى اتساعه أكثر فأكثر.

الأسباب وعوامل الخطورة

  • الإصابة بطفيليات الجهاز الهضمي مثل Strongylus vulgaris التي تهاجر إلى الأوعية الدموية.
  • التهاب الشرايين الجرثومي أو الفطري المزمن.
  • الرضوض المباشرة أو الإصابات النافذة لجدار الشريان.
  • اضطرابات وراثية نادرة تؤثر في النسيج الضام.
  • التقدم في العمر الذي يقلل مرونة الأوعية.
  • ارتفاع ضغط الدم الشرياني – غير شائع في الخيول لكنه يفاقم المشكلة عند وجودها.

الأعراض والعلامات السريرية

قد تمرّ أمّ الدم دون ملاحظة إلى أن تتمزق، لكن هناك مؤشرات مبكرة تستدعي الانتباه:

  • نبض شرياني قوي أو غير منتظم يمكن للطبيب سماعه أو لمسه.
  • تورم نابض تحت الجلد في منطقة الرقبة أو البطن.
  • خمول وقلة تحمّل التمارين.
  • ارتفاع درجة الحرارة إذا كان السبب التهابيًا.
  • علامات ألم بطني أو عرج مفاجئ مرتبطة بتجلط الدم.
  • صدمة مفاجئة وانهيار في حال تمزق الشريان.

متى يجب استدعاء الطبيب البيطري؟

يُنصح بالاتصال الفوري بالطبيب إذا لاحظت كتلة نابضة في جسد الحصان، أو ظهرت علامات ألم حاد وفقدان توازن مفاجئ، أو إذا بدا الحصان متعبًا بصورة غير معتادة بعد جهد بسيط.

التشخيص

يعتمد التشخيص الدقيق على الدمج بين الفحص السريري واستخدام أدوات تصوير متخصصة:

الفحص البدني

يتحسّس الطبيب النبض ويستمع باستخدام السماعة للبحث عن أصوات تدلّ على اضطراب جريان الدم (لغط). قد يجرى فحص المستقيم للكشف عن أي كتل نابضة في الشرايين الحشوية.

الفحوصات التصويرية

  • التصوير بالموجات فوق الصوتية (الدوبلر): الطريقة الأكثر شيوعًا لرصد حجم أمّ الدم وتحديد سرعة تدفق الدم داخلها.
  • التصوير المقطعي المحوسب (CT): يوفر صورًا ثلاثية الأبعاد تفصيلية، لكنه يتطلب تخديرًا عامًا ومعدات خاصة.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يستخدم في المراكز المتقدمة للحالات المعقدة أو القريبة من الأعصاب.
  • الأشعة السينية المظلَّلة (Angiography): حقن صبغة تُظهر الشرايين بوضوح وتكشف التضيّقات أو التمزقات.

اختبارات معملية مساعدة

يمكن إجراء تعداد دم كامل للكشف عن علامات الالتهاب، إضافة إلى فحص طفيليات الدم والبراز لمعرفة الإصابة بالديدان الشريانية.

خيارات العلاج

يعتمد البروتوكول العلاجي على حجم أمّ الدم وموقعها وحالة الحصان العامة:

العلاج الجراحي

الاستئصال الجراحي أو ربط الشريان هو الخيار الوحيد الشافي في حالات معيّنة، لكن هذه العمليات عالية الخطورة وتُجرى في مستشفيات بيطرية متخصصة فقط.

العلاج الدوائي والدعم العام

  • استخدام مضادات الالتهاب ومضادات الطفيليات للسيطرة على السبب الكامن.
  • مميعات الدم لمنع تكوّن الخثرات التي قد تسدّ الشرايين الأصغر.
  • إراحة الحصان وتقليل نشاطه البدني لتقليل ضغط الدم داخل الشريان.
  • مراقبة دورية بالموجات فوق الصوتية لمتابعة تطوّر حجم التمدد.

الرعاية المنزلية وفترة التعافي

حتى بعد نجاح العلاج، تحتاج الخيول إلى إشراف دقيق:

  • توفير بيئة هادئة وخالية من التوتر.
  • برنامج تغذية متوازن يجنّب زيادة الوزن أو ارتفاع ضغط الدم.
  • جدول تطعيم وعلاج دوري ضد الديدان مع التركيز على Strongylus spp.
  • مراجعة بيطرية كل 3–6 أشهر أو بحسب توصيات الطبيب.

التوقعات على المدى البعيد

يعتمد الإنذار على سرعة التشخيص ومكان أمّ الدم. إذا كانت صغيرة ومستقرة قد يعيش الحصان حياة طبيعية مع مراقبة منتظمة. أما التمزق المفاجئ فيحمل عادةً إنذارًا سيئًا، إذ قد يؤدي إلى نزيف داخلي قاتل خلال دقائق.

الوقاية والنصائح الصحية

  1. اعتماد برنامج صارم لمكافحة الطفيليات يشمل أدوية فعّالة ودورية.
  2. متابعة الحالة الصحية العامة للحصان وإجراء فحوصات سنوية على الأقل.
  3. تجنب التمارين الشاقة المفاجئة وخاصة لكبار السن أو الخيول التي عانت من التهاب الشرايين سابقًا.
  4. توفير تغذية متوازنة غنية بمضادات الأكسدة لدعم صحة الأوعية الدموية.

أسئلة شائعة

هل يمكن للحصان العودة إلى السباقات بعد علاج تمدد الشريان؟
يعتمد الأمر على حجم التمدد ومدى تعافي جدار الشريان. في معظم الحالات يُنصح بتقليل شدة التمارين أو الابتعاد عن السباقات عالية الوتيرة.
هل يؤثر تمدد الشريان في الخيول الصغيرة؟
نادرًا ما يُشخَّص لدى المهرات، إلا إذا كان ناجمًا عن عيب خلقي أو إصابة حادة.
هل يشكّل وجود أمّ دم خطرًا على البشر المتعاملين مع الحصان؟
الخطر يقتصر على الحصان نفسه، لكنّ انهياره المفاجئ قد يعرّض المحيطين لخطر السقوط أو الارتطام إن لم يكن الحصان مقيّدًا بشكل صحيح.

تذكّر: كلما اكتُشفت أمّ الدم مبكرًا، زادت فرص العلاج الناجح وقلّ خطر التمزق.

إذا لاحظت أي تغيرات غير طبيعية في سلوك حصانك أو جسده، استشر طبيبك البيطري على الفور. الوقاية قائمة على الرعاية الدورية، والفحص المنتظم هو خط الدفاع الأهم للحفاظ على هذا الرفيق النبيل في أفضل حالاته.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version