الورم الظهاري المتوسط عند القطط: ما هو ولماذا يُعَدُّ خطيراً؟
يُعَدُّ الورم الظهاري المتوسط (Mesothelioma) أحد أندر الأورام التي يمكن أن تُصيب القطط، وهو ورم ينشأ من الخلايا المبطِّنة لتجويفات الجسم مثل التجويف الصدري (غشاء الجنب)، التجويف البطني (البريتون)، التجويف القلبي (التامور)، وأحيانًا كيس الصفن. بالرغم من ندرة حدوثه، إلّا أن طبيعته العدوانية وصعوبة تشخيصه المبكر تجعل التعامل معه تحديًا حقيقيًا للمربين والأطباء البيطريين على حدٍّ سواء.

لمحة سريعة عن المرض
- غالبًا ما يكون الورم ذا طبيعة خبيثة، إذ ينتشر سريعًا إلى الأنسجة المجاورة وإلى العقد اللمفاوية.
- تتراكم السوائل داخل التجويف المُصاب (انصباب صدري أو بطني)، ما يسبب صعوبة في التنفس أو انتفاخ البطن.
- يرتبط في البشر بالتعرّض للأسبستوس، لكن العلاقة في القطط ما تزال غير مؤكَّدة حتى الآن.
أسباب وعوامل الخطر
لا يزال السبب الدقيق لظهور الورم الظهاري المتوسط في القطط مجهولًا، لكن هناك عدة عوامل يُشتبه في أنها تزيد خطر الإصابة:
- التعرّض لمواد مهيِّجة: مثل الأسبستوس والغبار الصناعي وبعض المواد الكيميائية المنزلية.
- العوامل البيئية: القطط التي تعيش في مناطق صناعية أو منازل قديمة تحتوي على مواد عازلة قديمة.
- العمر: يظهر غالبًا في القطط الأكبر سنًا (9 سنوات فأكثر)، لكنه ليس حكرًا عليها.
- الوراثة: لا توجد صلة مباشرة مثبتة، لكن بعض السلالات قد تكون أكثر عرضة بسبب عوامل مناعية.
الأعراض الشائعة حسب موقع الورم
تختلف الأعراض باختلاف التجويف المصاب، إلّا أن العلامات العامة تشمل الخمول وفقدان الوزن وضعف الشهية.
الورم الظهاري المتوسط الجنبي (غشاء الجنب)
- صعوبة أو سرعة في التنفس
- سعال جاف أو خشن
- أصوات قلب ورئة مكتومة أثناء الفحص بالسماعة
الورم الظهاري المتوسط البريتوني (غشاء البريتون)
- تضخم أو انتفاخ البطن بسبب تراكم السوائل
- إسهال أو قيء متقطع
- فقدان شهية ملحوظ
الورم الظهاري المتوسط التاموري (غشاء القلب)
- إعياء سريع بعد مجهود بسيط
- انخفاض ضغط الدم وإغماء محتمل
- سعال مع حشرجة خفيفة
ورم كيس الصفن
- تورم أو تضخم في الصفن
- ألم عند لمس المنطقة

متى يجب زيارة الطبيب البيطري؟
إذا لاحظت أي تجمع سوائل غير مفسَّر في صدر أو بطن قطك، أو لاحظت صعوبة في التنفس أو تورمًا سريعًا، عليك التوجّه للطبيب البيطري فورًا. كلما بدأ الفحص والعلاج مبكرًا، زادت فرص تحسين جودة حياة القط.
“يجب اعتبار تجمع السوائل غير المبرَّر في صدر أو بطن القط حالة طارئة إلى أن يثبت العكس.” – جمعية أطباء الأورام البيطرية
كيفية التشخيص
يعتمد التشخيص النهائي على مزيج من الفحوص السريرية والمختبرية:
- الفحص السريري الدقيق: تقييم معدل التنفس، أصوات القلب والرئتين، وفحص البطن.
- الأشعة السينية (X-ray): للكشف عن الانصباب أو الكتل في الصدر أو البطن.
- الموجات فوق الصوتية (Ultrasound): لتحديد كمية السوائل ومكان الورم بدقة.
- سحب السوائل (Thoracocentesis/Abdominocentesis): لتحليلها مخبريًا وفحص الخلايا تحت المجهر.
- التصوير المقطعي المحوسب (CT) أو الرنين المغناطيسي (MRI): يُستخدم عند الحاجة لرؤية أوضح للورم وانتشاره.
- الخزعة الجراحية أو الإبرة الدقيقة (Biopsy/FNA): ضرورية للتشخيص المؤكد عبر الفحص النسيجي المناعي.

خيارات العلاج المتاحة
لا يوجد بروتوكول علاجي واحد يناسب جميع الحالات، ويعتمد اختيار الخطة العلاجية على حجم الورم، موضعه، ومدى انتشاره:
1. الجراحة
تهدف إلى إزالة أكبر قدر ممكن من الورم أو استئصاله بالكامل إذا كان موضعيًا. في حالات الانصباب المتكرر، قد يُجرى استئصال جزء من غشاء التامور أو تثبيت رئوي (Pleurodesis) لتقليل تراكم السوائل.
2. العلاج الكيميائي
الأدوية الأكثر شيوعًا تشمل سيسبلاتين، كاربوبلاتين، ودوكسوروبيسين. يمكن إعطاؤها عبر الوريد أو داخل التجويف المصاب مباشرةً. تُستخدم بروتوكولات داعمة للحد من الآثار الجانبية مثل الغثيان وانخفاض عدد خلايا الدم.

3. العلاج الإشعاعي
أقل شيوعًا بسبب حساسية الأنسجة المحيطة، لكنه قد يفيد في الأورام الموضعية أو بعد الجراحة لاستهداف بقايا الخلايا السرطانية.
4. الرعاية الداعمة
- سحب دوري للسوائل من الصدر أو البطن لتخفيف الضغط على الأعضاء.
- العلاج بالأكسجين عند الحاجة.
- مسكنات الألم ومضادات الالتهاب.
- منشطات شهية ومكملات غذائية عالية الطاقة.
التعافي والمتابعة طويلة الأمد
يتطلّب التعافي خطة متابعة صارمة تشمل:
- زيارات دورية لمراقبة عودة السوائل أو نمو كتل جديدة.
- تحاليل دم منتظمة لمراقبة وظائف الكلى والكبد، خاصةً أثناء العلاج الكيميائي.
- تعديل النظام الغذائي ليتناسب مع احتياجات القط المتغيّرة.

التوقعات المستقبلية (Prognosis)
تُعتبَر التوقعات متحفظة إلى حدٍّ كبير؛ إذ يبلغ متوسط البقاء على قيد الحياة من بضعة أشهر إلى سنة، وذلك يعتمد على:
- موضع الورم ودرجة انتشاره
- سرعة التشخيص وبدء العلاج
- استجابة القط للعلاج ومدى تحمّله للآثار الجانبية
الوقاية: هل من سبيل؟
مع أنه لا توجد طريقة مؤكدة لمنع الإصابة بالورم الظهاري المتوسط في القطط، إلا أن تقليل التعرّض للمواد المهيّجة يُعد إجراءً وقائيًا مهمًا:
- التأكُّد من خلو المنزل من المواد العازلة القديمة المحتوية على الأسبستوس.
- تخزين المواد الكيميائية المنزلية في أماكن آمنة بعيدًا عن القطط.
- الفحص البيطري الدوري لاكتشاف أي تغيرات مبكرة.
خلاصة
على الرغم من ندرة الورم الظهاري المتوسط، إلا أنه يُشكِّل تهديدًا حقيقيًا لصحة القط بسبب سرعته في الانتشار وصعوبة اكتشافه في مراحله المبكرة. الفحص الدوري، والتدخل العلاجي السريع، والالتزام بالرعاية الداعمة يمكن أن تُحسِّن جودة حياة القط وتمنح العائلة مزيدًا من الوقت القيّم معه.