ما هو العمى القمري (التهاب العنبية المتكرر) لدى الخيول؟

يُعدّ العمى القمري أو التهاب العنبية المتكرر (Equine Recurrent Uveitis – ERU) السبب الرئيسي لفقدان البصر لدى الخيول حول العالم. يتجلّى المرض في نوبات متكررة من التهاب الطبقات الداخلية للعين، ما يؤدي إلى تفاقم الضرر مع كل نوبة إذا لم يتم التدخل البيطري المبكر.

الأعراض والعلامات التحذيرية

قد تتفاوت شدة الأعراض من خيل لآخر، لكن ظهور أي من العلامات التالية يُعدّ مؤشراً على ضرورة استدعاء الطبيب البيطري فوراً:

  • غَمْض العينين أو زيادة رمش العين (تضييق الجفن بشكل ملحوظ).
  • زيادة الدموع أو إفرازات صفراء/خضراء.
  • احمرار الملتحمة أو تورّمها.
  • حساسية شديدة للضوء (الفوتوفوبيا)؛ قد يحاول الحصان البحث عن الأماكن المظلَّلة.
  • تَكَدُّر أو غشاوة في القرنية، ما يُظهر العين بلون أزرق أو رمادي.
  • ظهور بقع بيضاء أو تغير في حجم حدقة العين.
  • فرك العين بالساق أو بالأجسام المحيطة.

الأسباب والعوامل المساهمة

لا يرتبط العمى القمري بمرحلة عمرية معيّنة، إلا أنّ بعض الخيول أكثر عرضة للإصابة تبعاً لعوامل متعددة:

  1. استجابة مناعية ذاتية: يهاجم الجهاز المناعي أنسجة العين بعد إصابة أولية.
  2. العدوى البكتيرية: يأتي ليبتوسبيرا (Leptospira spp.) على رأس القائمة، ويُعتقد أنه يُحفّز الاستجابة المناعية المفرطة.
  3. العوامل الوراثية: سلالات مثل الآبالوسا وموستنج وبعض الخيول الدافئة (Warmblood) أكثر قابلية للإصابة.
  4. إصابة العين أو العمليات الجراحية السابقة: قد تهيِّئ العين لارتكاس التهابي مستمر.
  5. الطفيليات والإجهاد البيئي: الغبار، الأشعة فوق البنفسجية، وسوء التهوية تزيد من احتمالية اندلاع النوبات.

التشخيص

يعتمد الطبيب البيطري على مزيج من الفحص الإكلينيكي والتقنيات التشخيصية لتأكيد الإصابة:

  • المنظار الشقي (Slit Lamp): يكشف عن الخلايا الالتهابية والترسبات داخل العين.
  • تنظير قاع العين (Ophthalmoscopy): لتقييم الشبكية والعصب البصري.
  • قياس ضغط العين (Tonometer): لاستبعاد الجلوكوما المصاحبة.
  • اختبار صبغة الفلورسين: لرصد أي قرح قرنية.
  • فحوص دم وأمصال: للبحث عن أضداد ليبتوسبيرا أو عدوى جهازية مرافقة.
  • الموجات فوق الصوتية: عند صعوبة رؤية بنية العين بسبب غشاوة القرنية.

متى يجب استدعاء الطبيب البيطري؟

أي تغيّر مفاجئ في سلوك العين أو ظهور احمرار وألم يجب اعتباره حالة طارئة. كل ساعة تأخير قد تزيد من خطر التلف الدائم للعين.

خيارات العلاج

الهدف هو وقف الالتهاب، تخفيف الألم، وحماية البصر على المدى الطويل. غالباً ما يجمع الطبيب البيطري بين أكثر من وسيلة علاجية:

  1. قطرات أو مراهم كورتيكوستيرويدية موضعية (مثل بريدنيزولون أو ديكساميثازون) لتقليل الالتهاب.
  2. موسّعات حدقة العين (مثل الأتروبين) لمنع الالتصاقات الداخلية وتخفيف التشنج العضلي.
  3. مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) جهازية (فلونكسين «Banamine» أو فينيل بيوتازون) لتسكين الألم.
  4. مضادات حيوية في حال الاشتباه بعدوى بكتيرية – على سبيل المثال ضد ليبتوسبيرا.
  5. الزراعة الجراحية لغرسة سيكلوسبورين لتحرير مستمر لمثبط المناعة داخل العين في الحالات المزمنة.
  6. جراحة استئصال الزجاجي (Vitrectomy) لإزالة سوائل العين الملوّثة وتقليل تكرار النوبات.

الرعاية المنزلية والإدارة البيئية

بعد التشخيص، يكون صاحب الخيل شريكاً أساسياً في رحلة التعافي والوقاية من النوبات المستقبلية:

  • توفير إضاءة منخفضة أو إظلام الحظيرة أثناء النوبات الحادة.
  • استخدام أقنعة واقية من الأشعة فوق البنفسجية لتقليل تهيّج العين.
  • الحفاظ على خطة تلقيح ومكافحة طفيلّية منتظمة.
  • التخلص من مصادر المياه الملوّثة التي تجذب القوارض (حاملة الليبتوسبيرا).
  • تعزيز المناعة من خلال تغذية متوازنة غنية بفيتامين A وأحماض أوميغا الدهنية.
  • مراجعة الطبيب البيطري بشكل دوري حتى عند غياب الأعراض.

هل العمى القمري مُعدٍ؟

المرض غير مُعدٍ بين الخيول، لكن العوامل البيئية المُسبِّبة (كالعدوى البكتيرية أو الطفيليات) قد تؤثر على عدة خيول في الإسطبل نفسه إن وُجدت ظروف سيئة للنظافة.

التوقعات والمآل على المدى الطويل

مع الالتزام بالعلاج والمتابعة الدقيقة، يمكن لعدد كبير من الخيول الحفاظ على رؤيتها الوظيفية. إلا أنّ تكرار النوبات من دون علاج مناسب قد يؤدي إلى مضاعفات مثل الجلوكوما، إعتام عدسة العين (كاتاراكت)، أو انفصال الشبكية، ما يجعل فقدان البصر دائماً.

نصائح وقائية سريعة

  • احرص على جدول فحوص نصف سنوي مع طبيب العيون البيطري.
  • نظّف الحظيرة بانتظام للحد من القوارض ومسببات العدوى.
  • زوّد الخيل بقناع واقٍ عند التعرض الطويل لأشعة الشمس.
  • راقب أي تغيّر في سلوك العين، خصوصاً بعد التمارين أو السفر.

أسئلة شائعة

هل يمكن شفاء الخيل تماماً من العمى القمري؟

لا يوجد شفاء تام حتى الآن، لكن التدخل المبكر والرعاية المستمرة يقللان من شدة وتكرار النوبات.

كم تدوم كل نوبة؟

قد تتراوح مدة النوبة من بضعة أيام إلى أسبوعين، بحسب شدة الالتهاب والاستجابة للعلاج.

هل يساعد تقليل الضوء ليلاً؟

نعم؛ الظلام الجزئي يخفف حساسية الضوء ويحسن راحة الخيل خلال النوبة.

الخلاصة

العمى القمري مرض معقّد يستدعي مزيجاً من التشخيص الدقيق والعلاج الفوري والرعاية المنزلية الواعية. بادر دوماً إلى استشارة الطبيب البيطري عند أول إشارة لالتهاب العين، فالحفاظ على بصر خيلك يبدأ بخطوة استباقية واحدة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version