الضمور الشبكي التدريجي لدى القطط: الدليل الشامل للأعراض والتشخيص والرعاية
يُعَدّ الضمور الشبكي التدريجي (PRA) أحد أكثر اضطرابات العين الوراثية شيوعًا وخطورة لدى القطط، إذ يؤدي تدريجيًا إلى فقدان البصر الكامل. رغم عدم وجود علاج شافٍ حتى الآن، يمكن للاكتشاف المبكر وتعديل نمط الحياة أن يوفِّرا للقطّة جودة حياة ممتازة حتى بعد فقدان الرؤية كليًّا.

في هذا الدليل المفصَّل سنتعرَّف إلى كل ما تحتاج معرفته عن PRA لدى القطط، بدءًا من الأعراض الأولى وحتى استراتيجيات الرعاية اليومية.
ما هو الضمور الشبكي التدريجي؟
الضمور الشبكي التدريجي هو مرض وراثي يصيب خلايا الضوء (العصي والمخاريط) داخل شبكية العين ويؤدِّي إلى تدهورها ببطء. بمرور الوقت تفقد هذه الخلايا قدرتها على العمل، ما يسبِّب العمى الليلي أولًا، ثم العمى الكامل لاحقًا.
الأنواع الرئيسية للمرض
- PRA المبكِّر (Early-Onset): يُلاحَظ عادةً في القطط الصغيرة بعمر بضعة أشهر، وتظهر الأعراض سريعًا.
- PRA المتأخِّر (Late-Onset): تتطوّر الأعراض تدريجيًّا على مدى سنوات، وغالبًا ما تُكتشَف في القطط البالغة أو المسنّة.
القطط الأكثر عُرضة للإصابة
على الرغم من إمكانية إصابة أي قط بالمرض، تُظهِر الأبحاث أن بعض السلالات أكثر عرضة، منها:
- الأبيسيني Abyssinian
- السيامي Siamese
- الفارسي Persian
- البنغالي Bengal
- الأوشيكات Ocicat

أبرز الأعراض والعلامات التحذيرية
قد تكون العلامات الأولى خفيّة؛ راقِب قطّك بحثًا عن:
- صعوبة الرؤية ليلًا أو التردُّد في التحرك في الظلام
- اتّساع حدقة العين بشكل غير طبيعي حتى في الإضاءة الساطعة
- لمعان قوي أو انعكاس عالٍ في عينَي القط عند تسليط الضوء
- الاصطدام بالأثاث أو الجدران وارتطام الأشياء
- تقلُّص ثقة القط أثناء القفز أو صعود الدَّرَج
نصيحة بيطرية: إذا لاحظت أي تغيُّر في عيون قطّك أو سلوكه خلال الليل، فاستشر الطبيب البيطري فورًا؛ كلما كان التشخيص مبكرًا، كان التكيّف أسهل.
الأسباب والجينات المرتبطة
يُنقَل PRA عادةً بصفة متنحية، ما يعني أن القطة يجب أن ترث جينَين معيبَين (واحد من كل والد) لتُظهِر المرض. تتوفَّر اليوم اختبارات وراثية لسلالات متعددة تمكِّن المربّين من استبعاد الناقلين من برامج التكاثر.

كيفية التشخيص
يعتمد التشخيص على مجموعة من الفحوص:
- فحص العين الروتيني: يكشف الطبيب البيطري عن تغيّرات في قاع العين.
- تخطيط كهربية الشبكية (ERG): يقيِّم وظيفة الخلايا الضوئية قبل ظهور الأعراض السريرية.
- الاختبارات الجينية: تُحدِّد ما إذا كانت القطة حاملة أو مصابة.
هل هناك علاج؟
للأسف، لا يوجد علاج يُعيد خلايا الشبكية المتضررة. تُجرَى أبحاث على علاجات جينية ومحاليل خلايا جذعية، لكنها لم تبلغ مرحلة التطبيق الإكلينيكي بعد. يُركَّز حاليًا على الدعم الغذائي (مضادات الأكسدة، الأحماض الدهنية) والرعاية البيئية.
إستراتيجيات الرعاية اليومية
يمكن للقطط العمياء أن تعيش حياة سعيدة ومستقلة بمساعدة بسيطة:
- ثبِّت الأثاث وتجنَّب تبديل أماكنه باستمرار
- استخدِم الألعاب الصوتية أو التي تُصدِر رائحة لتعويض فقدان البصر
- احفظ صناديق الفضلات وأطباق الطعام في أماكن محددة يسهل الوصول إليها
- أبقِ قطّك داخل المنزل لتحميه من الحوادث
- استعمل الأوامر الصوتية لتعزيز الثقة والتوجيه

التعايش طويل الأمد والتوقعات المستقبلية
مع أنّ PRA يؤدي حتمًا إلى العمى الكامل، فإن أغلب القطط تتكيَّف بشكل مدهش اعتمادًا على حواسها الأخرى. يُمكن أن تبقى جودة حياتها عالية إذا:
- تم تشخيص الحالة مبكرًا
- حصلت القطة على بيئة آمنة ومحفِّزة
- تابع المربِّي الفحوص البيطرية المنتظمة لرصد أي أمراض مرافقة
الوقاية والمسؤولية التربوية
تكمن أفضل وسيلة للحدّ من انتشار PRA في التربية المسؤولة. ينبغي لمربّي القطط:
- إجراء اختبارات جينية للأزواج قبل التزاوج
- تجنُّب تزويج القطط الحاملة للجين المعيب
- توعية المشترين الجدد بضرورة الفحص المبكر والمنتظم

أسئلة شائعة
هل يفقد جميع القطط المصابة بــ PRA بصرها بالكامل؟
نعم، يتقدَّم المرض في النهاية إلى فقدان كامل للرؤية، لكن يمكن تخفيف تأثيراته بتهيئة المنزل.
ما متوسط العمر المتوقع لقط مُصاب بالضمور الشبكي؟
لا يؤثر PRA عادةً في متوسط العمر طالما تُدار صحة القطة العامة جيدًا.
هل يمكن إجراء جراحة أو علاج لإعادة النظر؟
حاليًا لا؛ العلاجات الجينية ما تزال قيد الدراسة، وقد تحمل الأمل مستقبلًا.
كلمة أخيرة
رغم أن تشخيص PRA قد يبدو مُحبطًا، فإن الفهم الجيد للمرض والإجراءات الوقائية والرعاية اليومية المخصَّصة ستمكِّن قطّك من عيش حياة سعيدة وآمنة. احرص على استشارة طبيبك البيطري دوريًّا وتحديث معرفتك بأحدث التطورات العلمية.