الدليل الشامل لقرحة المعدة عند الخيول
قرحة المعدة أو ما يُعرف علميًّا بمتلازمة قرحة المعدة لدى الخيول (Equine Gastric Ulcer Syndrome – EGUS) هي حالة شائعة تصيب كلًّا من الخيول الرياضية وخيول المزارع، بل وحتى المهرات الرُّضَّع. تشير الأبحاث إلى أن ما بين 50 و90 في المئة من الخيول قد تظهر عليها درجة ما من تآكل بطانة المعدة خلال حياتها. وبالنظر إلى أن الألم الناتج عن هذه الحالة قد يؤثر بشكل مباشر في الشهية، وحالة الجسم، والأداء البدني، فإن فهم القرحة الهضمية وعلاجها يُعَدّ جزءًا أساسيًّا من الرعاية البيطرية الحديثة.
فهم تشريح معدة الحصان
تتكوّن معدة الحصان من جزأين رئيسيين:
- الثلث العلوي غير الغُدّي (الحرشفي): لا يحتوي على غدد واقية ويُعرف بحساسيته للأحماض.
- الثلثان السفليان الغُدّيان: يفرزان المخاط والبيكربونات لوقاية جدار المعدة من الحموضة.
يلتقي الجزآن في خط يُسمّى خط القطعة (Margo Plicatus). عندما يتعرّض الجزء الحرشفي مباشرة للأحماض لفترات مطوّلة أو تتضرر آليات الحماية في الجزء الغُدّي، تبدأ القرح بالتكوُّن.

أنواع قرحة المعدة لدى الخيول
١. قرحة النسيج الحرشفي (ESGD)
تصيب السطح غير الغُدّي من المعدة، وغالبًا ما ترتبط بوجود أحماض زائدة أو انقطاع إمداد العلف لفترة طويلة. تُعَدّ الأكثر شيوعًا لدى خيول السباق والتدريب المكثف.
٢. قرحة النسيج الغُدّي (EGGD)
تظهر في الجزء الغُدّي من المعدة. لا تتعلق عادةً بزيادة إنتاج الحمض، بل بضعف الطبقة الواقية بسبب الإجهاد أو الاستخدام طويل الأمد لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs).
عوامل الخطورة الرئيسية
- فترات صوم تتجاوز 6 ساعات أو تقديم العلف مرتين فقط يوميًّا.
- زيادة كمية الحبوب والنشويات في الحصة الغذائية وقلة الألياف.
- التمرين المكثف أو السفر لمسافات طويلة (الإجهاد البدني والنفسي).
- الحبس المستمر في الإسطبل مع قلة الخروج إلى المرعى.
- الاستخدام المتكرر لـ NSAIDs دون إرشاد بيطري.
- تغيير النظام الغذائي أو البيئة بشكل مفاجئ.
الأعراض الشائعة لقرحة المعدة
قد تتفاوت حِدّة الأعراض بين حصان وآخر، لكن العلامات التحذيرية الأكثر ملاحظة تشمل:
- انخفاض أو تقلب الشهية، خاصة تجاه الحبوب.
- فقدان الوزن أو عدم القدرة على زيادة اللحم رغم التغذية الجيدة.
- معطف باهت وخشن.
- انخفاض مستوى الأداء أو رفض أداء التدريبات المعتادة.
- تغيرات سلوكية مثل الانفعال، أو طحن الأسنان، أو قضم الخشب.
- نوبات مغص خفيفة ومتكررة.
- رمي الأذنين للخلف أو تحريك الذيل بعصبية أثناء الترويس.

أعراض خاصة بالمُهْرَات
- الاستلقاء على الظهر بكثرة.
- إفراط في إفراز اللعاب.
- إسهال متقطع.
- نوبات مغص أشدّ من الخيول البالغة.
كيف يتم تشخيص قرحة المعدة؟
يُعدّ المنظار المعدي (Gastroscopy) المعيار الذهبي؛ حيث يُدخل الطبيب البيطري منظارًا بطول ثلاثة أمتار عبر الأنف مرورًا بالمريء للوصول إلى المعدة وتقييم شكل القرح ودرجتها. في حال تعذُّر المنظار، قد يقترح البيطري تجربة علاجية بالأدوية وملاحظة الاستجابة.

يمكن دعم التشخيص بفحوص أخرى مثل العدّ الدموي الشامل، والتحليل الكيميائي للدم لاستبعاد أمراض مرافقة، لكن تلك الفحوص لا تُظهر القرح مباشرة.
خطة العلاج الحديثة
تشمل بروتوكولات العلاج عادةً مزيجًا من الأدوية وتعديلات التغذية:
- أوميبرازول (Omeprazole): مثبط لمضخة البروتون أظهر كفاءة عالية بجرعة 4 ملغ/كغ يوميًّا لمدة 28 يومًا (على شكل معجون يُعطى فمويًّا).
- مانعات مستقبل H2 (مثل Ranitidine أو Famotidine): تُعطى كل 8 ساعات، مفيدة خاصةً في الحالات الخفيفة أو كعلاج مكمّل.
- سوكرافلات: يغلف القرح ويُعزّز التئامها، لا سيما في القرحة الغُدّية.
- ميزوبروستول: يحفّز إنتاج المخاط الواقٍ ويُستخدم عند القرحة الغُدّية المقاومة.
- معدلات نمط الحياة: زيادة الألياف (تبن أو برسيم)، تقليل النشويات، وتقسيم الوجبات إلى حصص صغيرة متكررة.

كم تبلغ تكلفة التشخيص والعلاج؟
تختلف التكاليف باختلاف المنطقة والعيادة:
- المنظار المعدي: بين 300 و600 دولار أمريكي.
- علاج أوميبرازول لمدة شهر لحصان بالغ (500 كغ): 800–1000 دولار.
- الأدوية المساندة (سوكرافلات، ميزوبروستول): 100–300 دولار.
قد تبدو الأرقام مرتفعة، إلا أن علاج القرحة يُجنّب خسائر أكبر مرتبطة بانخفاض الأداء أو المضاعفات الصحية.
الرعاية اليومية للحصان المصاب
- إتاحة التبن عالي الجودة أمام الحصان طوال اليوم لتقليل فترات الصيام.
- توفير وقت كافٍ للرعي الحر في المرعى متى أمكن.
- تقديم وجبة صغيرة من البرسيم أو حفنة تبن قبل التمرين بنحو 30 دقيقة لامتصاص الحمض الزائد.
- إضافة زيت نباتي (كزيت الكانولا) أو حصة محدودة من الأعلاف الغنية بالدهون لرفع الطاقة دون زيادة النشويات.
- تجنُّب إضافة الملح أو المواد المهيِّجة مباشرة بعد إعطاء الأدوية.
استراتيجيات الوقاية طويلة الأمد
- تقسيم الوجبات إلى ثلاث أو أربع حصص يوميًّا كحد أدنى.
- استخدام حواجز القش المعلّقة (Slow Feeders) لإطالة زمن تناول العلف.
- تقليل الاعتماد على NSAIDs، أو دمجها مع واقيات المعدة عند الحاجة.
- وضع جدول تدريبي تدريجي لتجنُّب الزيادات المفاجئة في الإجهاد.
- مراقبة سلوك الحصان والتغييرات الطارئة في الشهية أو المزاج كجزء من الروتين اليومي.

"كلما حافظت على نمط تغذية طبيعي وقمت بتقليل فترات التوتر لدى حصانك، قلّت فرص إصابته بقرحة المعدة" — طبيب بيطري مختص بطب الخيول.
تنبيه: المعلومات الواردة هنا لأغراض تعليمية ولا تغني عن استشارة الطبيب البيطري، وخاصة عند ظهور مغص أو تدهور سريع في حالة الحصان.
المراجع
- S. Jones. “Understanding Horse Gastric Health.” , 2023-05-05. www.horseandhound.co.uk