الدليل الشامل لحصان آيسلندا: التاريخ، الصفات، العناية، والتدريب
يُعَدّ حصان آيسلندا أحد أقدم وأصفى السلالات في العالم، إذ حافظ على نقائه الوراثي لأكثر من ألف عام بفضل العزلة الصارمة التي فرضها سكان الجزيرة. وبالرغم من حجمه الصغير، يمتلك هذا الحصان قوة وعزيمة تجعلانه رفيقًا مثاليًّا للركوب والعمل في البيئات الوعرة. في هذا المقال نستعرض كل ما تريد معرفته عن حصان آيسلندا، من نشأته ومشيَاته الفريدة، حتى طرق العناية الصحية والتدريب.

نظرة عامة سريعة
- المنشأ: آيسلندا
- الارتفاع: 132 – 142 سم عند الكتف (يُصنَّف كحصان رغم قصر قامته)
- الوزن: 330 – 380 كغ في المتوسط
- الألوان: جميع الألوان تقريبًا؛ الأشهب، الكميت، الأشقر، الأسود، وغير ذلك
- المشيات: المشي، الهرولة، العَدْو، بالإضافة إلى التولت والسرعة الطائرة
- متوسط العمر: 25 – 30 عامًا وقد يتجاوز ذلك مع الرعاية الجيدة
أصل السلالة وتاريخها
وصلت الخيول الأولى إلى آيسلندا مع الفايكنغ في القرن التاسع الميلادي، واختيرت بعناية من سلالات نورماندية واسكندنافية معروفة بالتحمّل والقوة. في عام 982م أقرّ البرلمان الآيسلندي قانونًا يحظر استيراد أي خيول إضافية، ما أبقى السلالة معزولة تمامًا عن التهجين الخارجي. أسهمت التضاريس البركانية القاسية والمناخ المتقلّب في صقل قدرة هذه الخيول على تحمّل البرد وإيجاد توازن فائق على الأرض الزلقة.
حتى يومنا هذا، يُحظر على أي حصان غادر آيسلندا العودة إليها مجددًا، حفاظًا على نقاء السلالة ومنع انتقال الأمراض.
الصفات الشكلية
على الرغم من حجمه المشابه للـpony، يُصنَّف حصان آيسلندا كحصان حقيقي بفضل بنيته العضلية وكثافة العظام. يمتاز برقبة قوية مقوَّسة، وصدر عميق، وظهر قصير يساعده على تحمّل الأوزان. تظهر الخصائص التالية بوضوح:
- رأس متناسق ذو ملامح لطيفة وعيون كبيرة معبِّرة
- لَبدٌ (عرف) وذيل كثيفان يزدادان سماكة في الشتاء
- فروة مزدوجة الطبقات تحميه من الأمطار والثلوج
- حوافر صلبة بطبيعتها، نادرًا ما تحتاج إلى حدوات معدنية

الطباع والسلوك
حصان آيسلندا ودود، فضولي، ويسهل تعليمه، مما يجعله مناسبًا للفرسان المبتدئين والأطفال، وكذلك للمحترفين الذين يبحثون عن خيل متعدد الاستخدامات. يتميز بالشجاعة واليقظة والقدرة على تكوين روابط وثيقة مع البشر، خاصةً إذا نشأ في بيئة اجتماعية.
القدرات الفريدة: مشيَات تفوق التوقعات
يمتلك الحصان الآيسلندي خمس مشيات طبيعية:
- المشي (Walk): رباعي الإيقاع، مستقر ومريح.
- الهرولة (Trot): ثنائي الإيقاع، يسهل على الفارس أن يتبعه بحركة صعود وهبوط.
- العَدْو (Canter/Gallop): ثلاثي أو رباعي الإيقاع، ويُستخدم للسرعات العالية.
- التُولت (Tölt): أشهر ما يميز السلالة؛ رباعي الإيقاع بلا لحظة طيران، ما يوفّر ركوبًا انسيابيًّا حتى على السرعات العالية.
- السرعة الطائرة (Flying Pace – Skeið): ثنائي الإيقاع بجانبَي الجسم معًا، يُعَدّ الأسرع والأكثر إثارة، ويصل إلى 48 كم/س لفترات قصيرة.

رعاية حصان آيسلندا
التغذية المثلى
تطوّر الحصان الآيسلندي ليعيش على مراعي فقيرة نسبيًّا، لذا فهو يحتاج إلى كميات معتدلة من العلف المركز. قد يؤدي الإفراط في الحبوب أو الأعلاف الغنية بالسعرات إلى السُّمِّيَة العشبية أو التهاب الحوافر. ينصح الخبراء بما يلي:
- توفير تبن عالي الجودة أو مرعى معتدل البروتين
- تقسيم الوجبات وفق العمل اليومي ودرجة الحرارة
- إضافة مكملات معدنية وفيتامين D خلال فصول الشتاء الطويلة
المسكن والبيئة
يستطيع الحصان الآيسلندي التكيّف مع درجات حرارة دون الصفر بفضل معطفه السميك، لكن يفضَّل توفير مأوى يحميه من الرياح والأمطار المتجمدة. تأكد من نظافة أرضية الحظيرة وجفافها دائمًا لتفادي المشاكل الجلدية.

العناية بالمعطف الكثيف
في الشتاء، يُنتج الحصان فروة مزدوجة تجعله يبدو أكبر حجمًا. من الضروري:
- تمشيط المعطف بفرشاة قوية لإزالة الشعر الميت والأتربة
- التحقق من وجود تكتلات ثلجية أو طين متصلب حول ذيل الحصان وحوافره
- إجراء استحمام خفيف في الربيع لتسريع تساقط الشعر الزائد
التمارين واللياقة
يحتاج حصان آيسلندا إلى تمرين منتظم للحفاظ على مرونة مفاصله وقوة عضلاته. جولات ركوب يومية قصيرة بتبديل المشيات بين التولت والهرولة تساعد في:
- تعزيز اللياقة القلبية الوعائية
- الحفاظ على الوزن المثالي
- تحسين التوازن وتوزيع العضلات

الصحة والأمراض الشائعة
تشتهر السلالة بصحتها القوية، لكن هناك بعض الحالات التي ينبغي مراقبتها:
- التهاب الجلد الصيفي (Sweet Itch): تحسّس شديد من لدغات حشرة البرغش؛ يُعالج بالحماية الميكانيكية والمراهم المهدئة.
- أمراض المفاصل التنموية (OCD): تظهر أحيانًا في المهرات، والوقاية تكمن في التغذية المتوازنة وعدم إجهاد الصغار مبكرًا.
- مشاكل الأسنان: بسبب نمو الأسنان المستمر، يُوصَى بفحصها مرتين سنويًّا.
- الطفيليات الداخلية: جدول تعطير دقيق ضروري، مع فحوص براز دورية.
تذكّر أن التحصينات ضد الإنفلونزا والكزاز والالتهاب الرئوي ينبغي أن تكون محدثة دائمًا، خاصةً إذا كان الحصان يسافر للمشاركة في العروض.
التدريب والاستخدامات الحديثة
يتكيّف حصان آيسلندا مع مجموعة واسعة من الأنشطة:
- رياضة التولت الاحترافية في البطولات الدولية
- جولات سياحية عبر المناظر الطبيعية البركانية
- القدرة والتحمّل لمسافات متوسطة
- ركوب علاجي بفضل طبيعته الهادئة
تُظهِر الدراسات أن الحصان الآيسلندي يستجيب بصورة أفضل لأساليب التدريب الإيجابي المبني على التعزيز، إذ يربط الأداء الجيد بالمكافأة.
حقائق ممتعة
- لا يُسمَح بإطلاق اسم على الحصان الآيسلندي إلا إذا كان باللغة الآيسلندية ويعكس طباعه أو لونه، مثل “Stormur” (عاصِف) أو “Fífill” (هندباء).
- يمكن لبعض الخيول أن تتقن مشية التولت حتى سرعة 30 كم/س مع بقاء السرج ثابتًا بالكامل تقريبًا.
- يعيش العديد من خيول آيسلندا حتى سن الخامسة والثلاثين أو أكثر.
الخلاصة
حصان آيسلندا أكثر من مجرد سلالة جميلة؛ إنه قصة بقاء وتكيّف تعكس روح الجزيرة ذاتها. بفضل قوته، وطباعه اللطيفة، ومشياته الفريدة، يُعَدّ خيارًا مثاليًّا للراغبين في خيلٍ يُعطي الكثير مقابل رعاية واهتمام مدروسين. سواءً كنت فارسًا مبتدئًا أو محترفًا يبحث عن تحدٍ جديد، سيمنحك هذا الحصان تجربة لا تُنسى تجمع بين الإثارة والراحة.