الحصار الأذيني البطيني من الدرجة الثانية (موبتز 1) لدى القطط: دليل مفصّل للأعراض والتشخيص والعلاج
يُعد القلب محرّك الحياة في جسد القطة، وأي اضطراب في إيقاعه قد يؤثِّر سلباً في جودة حياة حيوانك الأليف. أحد هذه الاضطرابات هو الحصار الأذيني البطيني من الدرجة الثانية (نوع موبتز 1)، الذي يُسبّب تباطؤاً غير طبيعي في انتقال الإشارة الكهربائية بين الأذينين والبطينين. في هذا المقال، نستعرض كل ما تحتاج معرفته حول هذه الحالة بدءاً من تعريفها وأسبابها وصولاً إلى طرق التشخيص والعلاج والرعاية المنزلية.

ما هو الحصار الأذيني البطيني من الدرجة الثانية (نوع موبتز 1)؟
الحصار الأذيني البطيني (AV Block) هو خلل في النظام الكهربي للقلب. في النوع موبتز 1—المعروف أيضاً باسم الحيطان المتناوبة أو ظاهرة وينكباخ—تُظهر مخططات ECG نمطاً يتمثل في إطالة تدريجية لفاصل PR يليها سقوط مفاجئ لقُرص QRS (أي ضربة بطينية مفقودة). يحدث ذلك بشكل متكرر، ما يؤدي إلى إيقاع قلبي غير منتظم وبطء في عدد ضربات القلب.
كيف يعمل النظام الكهربي لقلب القط؟
ينطلق النبض الكهربائي من العقدة الجيبية الأذينية (SA Node)، ثم ينتقل عبر الأُذينين إلى العقدة الأذينية البطينية (AV Node)، ومنها إلى حُزمته الخاصة في البطينين. في الحالة الطبيعية، تمر الإشارة بأريحية، فينبض القلب بإيقاع منتظم يتراوح غالباً بين 140 و240 نبضة في الدقيقة لدى القطط البالغة. عند حدوث حصار أذيني بطيني، تتباطأ أو تتوقف الإشارة في العقدة الأذينية البطينية مؤديةً إلى ضربة أو أكثر مفقودة.
الأسباب المحتملة للحصار الأذيني البطيني نوع موبتز 1
- التهاب عضلة القلب (Myocarditis) أو التهاب بطانة القلب.
- زيادة نشاط العصب المُبهَم (Vagal Tone) بسبب التخدير، الألم الشديد أو أمراض تنفسية.
- اختلالات إلكتروليتية—خصوصاً ارتفاع البوتاسيوم أو المغنيسيوم.
- التسمم الدوائي مثل الجرعات العالية من ديجوكسين أو حاصرات بيتا.
- أمراض قلبية خلقية أو مكتسبة مثل اعتلال عضلة القلب الضُخامي (HCM).
- بطء قلبي مرتبط بالعمر أو وراثي في بعض السلالات.
الأعراض والعلامات السريرية
قد تتفاوت شدة الأعراض من غيابها تماماً إلى ظهور مشكلات تهدّد حياة القطة:
- بطء أو عدم انتظام نبض القلب يمكن ملاحظته عند لمس الصدر.
- خمول عام ونقص الرغبة في اللعب أو القفز.
- الإغماء (Syncope) أو الترنح المفاجئ خصوصاً بعد مجهود بدني.
- ضيق تنفس طفيف أو سعال متقطع.
- انخفاض الشهية وفقدان وزن تدريجي في الحالات المزمنة.
ملاحظة: قد تكون العديد من القطط المصابة عديمة الأعراض، ويُكتشف الحصار صدفة أثناء فحص روتيني.
كيفية التشخيص
التشخيص المبكر ضروري لتحديد ما إذا كان الحصار يحتاج علاجاً أم مراقبة فقط.
١. الفحص السريري
يقوم الطبيب البيطري بالاستماع إلى القلب عبر السمّاعة والتحقق من وجود ضربات متساقطة أو اختلاف ما بين عدد النبضات التي تُسمَع وعدد النبضات التي تُحَس في الشريان.
٢. التخطيط الكهربائي للقلب (ECG)
يُعتبر حجر الأساس في التشخيص، إذ يُظهر النمط المميّز لطويلة الفاصل PR ثم سقوط QRS. غالباً ما يتم إجراء ECG قياسي داخل العيادة بمدة لا تتجاوز دقائق.

٣. جهاز هولتر ورصد الأحداث
في حال كان الحصار متقطعاً، يُنصح بتركيب هولتر لمدّة 24–72 ساعة أو جهاز رصد أحداث لأسابيع لضبط الإيقاع الشاذ وتحديد مدى خطورته على القطة.
٤. فحوصات إضافية
- الموجات فوق الصوتية (Echo) لاستبعاد أمراض قلبية بنيوية.
- اختبارات دم شاملة لفحص وظائف الكلى والكبد والإلكتروليتات وهرمون الغدة الدرقية.
العلاج وخيارات التدخل
ليس كل حصار أذيني بطيني من نوع موبتز 1 يتطلّب علاجاً مباشراً؛ بعض الحالات يُكتفى فيها بالمراقبة.
متى يكون العلاج ضرورياً؟
- ظهور أعراض سريرية واضحة (إغماء، خمول).
- معدّل ضربات قلب أقل من 100 نبضة/دقيقة أثناء الراحة.
- وجود أمراض قلبية مرافقة تزيد من احتمال تطوّر الحصار.
الأدوية الشائعة
يُجرى اختبار الأتروبين أولاً: إذا تسارع القلب بعد الحقن، فهذا يدل على سيطرة العصب المبهم وقد يتحسّن بالمعالجة الدوائية. أبرز الأدوية:
- أتروبين أو غليكوبايرولات لخفض تأثير العصب المُبهَم.
- تيوفيللين لتحفيز العقدة الأذينية البطينية.
- إيزوبرينالين (Isoproterenol) في حالات محدودة وتحت مراقبة مكثفة.
يجب ألا تُعطى هذه الأدوية إلا تحت إشراف بيطري بسبب خطر تسارع القلب المفرط أو اضطرابات النظم الأخرى.

زرع ناظمة قلبية (Pacemaker)
إذا كان الحصار ثابتاً وأدويته غير فعّالة أو تسبّب آثاراً جانبية، قد يُوصي الطبيب بزرع ناظمة قلبية دائمة. تُجرى العملية في مراكز بيطرية مختصّة وبمعدّلات نجاح مرتفعة، وهي الخيار الأمثل للحالات الشديدة.
الرعاية المنزلية والمتابعة
- تسجيل معدل النبض المنزلي (يمكن تعلمه من الطبيب البيطري).
- متابعة جدول الأدوية بدقة وعدم تعديل الجرعات بدون استشارة.
- مراقبة أعراض الخمول، ضيق التنفس أو الإغماء والإبلاغ عنها فوراً.
- زيارات متابعة منتظمة تشمل ECG أو هولتر وفق توصية الطبيب.
التنبؤ بالمستقبل (الإنذار)
القطط التي لا تعاني أمراضاً قلبية أخرى غالباً ما تحظى بتنبؤ جيد، خاصة إذا كانت بدون أعراض أو استجابت للعلاج الدوائي. أما في حال وجود أمراض قلبية بنيوية أو تقدّم الحالة إلى حصار أذيني بطيني كامل، فإن الإنذار يكون أكثر حذراً.

الأسئلة الشائعة
هل يمكن أن يختفي الحصار من تلقاء نفسه؟
في الحالات المتعلقة بزيادة نشاط العصب المُبهَم المؤقت أو اختلالات إلكتروليتية، قد يعود الإيقاع إلى طبيعته بعد معالجة السبب. لكن في غالبية الحالات يظل الحصار موجوداً ويحتاج مراقبة أو علاجاً دائماً.
هل يمكن الوقاية من حدوث الحصار؟
لا توجد طريقة مؤكدة للوقاية، إلا أن الحفاظ على صحة القطة العامة، الفحوصات الدورية، والتدخّل المبكر عند ملاحظة أي أعراض قلبية تُقلّل من احتمالية تفاقم المشكلة.
هل يُشكّل الحصار خطراً أثناء التخدير؟
نعم، يجب إبلاغ الطبيب البيطري عن وجود الحصار قبل أي عملية جراحية. سيُجري الطبيب بروتوكول تخدير أكثر أماناً وربما يوصي بمراقبة ECG أثناء الإجراء.
كلمة أخيرة
الحصار الأذيني البطيني من الدرجة الثانية (موبتز 1) ليس حكماً نهائياً على صحة قطتك. مع التقييم البيطري السليم والمتابعة المنتظمة، تستطيع العديد من القطط عيش حياة مريحة ونشيطة. إذا لاحظت أي مؤشر غير طبيعي في نبض أو سلوك قطك، لا تتردد في استشارة الطبيب البيطري فوراً.