التهاب المشيمة عند الخيول: دليل شامل لحماية الفرس والمهر قبل الولادة
يُعَدُّ الحمل فترة دقيقة في حياة الفرس، وتلعب المشيمة دور الوسيط الحيوي الذي يمد الجنين بجميع احتياجاته. عندما تلتهب المشيمة—وهو ما يُعرَف بيطريًا بـ التهاب المشيمة (Placentitis)—يكون كل من الفرس والجنين في خطرٍ حقيقي. سنستعرض في هذا الدليل أسباب الإصابة، العلامات المبكرة، طرق التشخيص والعلاج، بالإضافة إلى خطوات الوقاية العملية.

ما هي المشيمة ولماذا يعتبر التهابها خطيرًا؟
المشيمة غشاء مكوَّن من أنسجة الأم والجنين معًا، وتلتصق بجدار الرحم لتسهيل تبادل الأكسجين، العناصر الغذائية، وإزالة الفضلات. أي خلل في المشيمة ينعكس مباشرة على صحة الجنين، وقد يؤدي إلى:
- الإجهاض أو موت الجنين داخل الرحم
- ولادة مهر خديج (مبتسر) ضعيف المناعة
- تعسُّر الولادة ومضاعفات للأم بعد الولادة
أسباب التهاب المشيمة عند الخيول
١. العدوى البكتيرية الصاعدة
يُعَدُّ Streptococcus equi subsp. zooepidemicus السبب الأكثر شيوعًا، حيث يصعد عبر عنق الرحم المفتوح جزئيًا ويستعمر واجهة المشيمة. كما يمكن لبكتيريا مثل E. coli و Klebsiella أن تلعب الدور نفسه.
٢. التهاب المشيمة من نوع نوكارديوفورم
تتسبّب فيه عادة بكتيريا Nocardioform actinomycetes. يظهر على شكل لوحات سميكة على سطح المشيمة ويصيب بشكل أساسي الأفراس في أواخر مراحل الحمل.
٣. العدوى الفطرية (الفطريات)
يحدث عند وجود بيئة رطبة وقذرة في الإسطبل، ويسبّبه على سبيل المثال فطر Aspergillus spp.
٤. عوامل خطر إضافية
- الحمل التوأمي
- التهاب بطانة الرحم المزمن أو تاريخ الإجهاض السابق
- الضغط النفسي وسوء التغذية
- ممارسات التلقيح أو الولادة غير النظيفة

العلامات والأعراض التي يجب الانتباه لها
غالبًا ما تكون العلامات غير واضحة في البداية. لذلك تُنصح كل مربّية بمراقبة فرسها يوميًا خلال فترة الحمل، خاصة الثلث الأخير.
- إفراز مهبلي قيحي أو مائي مصفر
- تطوّر ضرع مبكر أو تسرب اللبن قبل موعده الطبيعي
- تورم في الجزء السفلي من البطن
- استرخاء مبكر لأربطة الذيل وعنق الرحم
- ارتفاع طفيف في درجة الحرارة أو خمول
ظهور أي من العلامات السابقة يستوجب اتصالًا فوريًا بالطبيب البيطري.
كيف يؤثر الالتهاب على الفرس والمهر؟
يتسبب الالتهاب في نقص الأكسجين وتسمم الجنين بالسموم البكتيرية، ما يؤدي إلى توقف نموّه أو وفاته. وإكلينيكيًا قد يظهر المهر عند ولادته ضعيفًا، بشعر حريري وطول مفاصل غير مكتمل، ويحتاج إلى عناية مركّزة.

التشخيص: السبيل إلى إنقاذ الحمل
الفحص السريري والملاحظة
يقوم الطبيب البيطري بفحص مهبلي لتقييم الإفراز ورائحة العدوى، إضافة إلى متابعة درجة الحرارة ونبض الفرس.
التصوير بالموجات فوق الصوتية عبر المستقيم
يُقاس السُمك المُوحَّد لجدار الرحم والمشيمة (CTUP). القيم أعلى من الطبيعي (أكثر من 12 مم بعد اليوم 300 من الحمل) تُنبِّه إلى وجود التهاب.
الفحوصات المخبرية
- عزل البكتيريا أو الفطريات من مسحة المهبل
- قياس معدّل الهرمونات مثل Progesterone لمتابعة سلامة الحمل
- اختبار دم للأجسام الالتهابية (مثل سيروم أميلويد A)
كلما تم التشخيص مبكرًا، زادت فرص إنقاذ الجنين وإكمال الحمل بأمان.
خيارات العلاج المتاحة

١. المضادات الحيوية واسعة الطيف
تُعطى فمويًا أو بالحقن، وأكثر البروتوكولات شيوعًا:
- تريميثوبريم-سلفا (Trimethoprim-Sulfonamide) لمدة 10–14 يومًا
- مزيج بنسيلين + جنتاميسين في الحالات الحادة
٢. مضادات الالتهاب غير الستيرويدية
مثل Flunixin Meglumine أو Phenylbutazone لتقليل الالتهاب والألم.
٣. دعم هورموني للحفاظ على الحمل
يُوصف ألتريغست (Regumate®) أو حقن البروجستيرون لضمان ثبات عنق الرحم وتقليل تقلصات الرحم المبكرة.
٤. الراحة والبيئة الصحية
تُوضع الفرس في حظيرة نظيفة هادئة بأرضية جافة، مع تقليل التوتر والضوضاء قدر الإمكان.
كيفية الوقاية وتقليل مخاطر الإصابة
- تطهير الإسطبل وأدوات الولادة باستمرار
- التأكّد من النظافة الشخصية للعاملين والتقليل من الفحص الداخلي غير الضروري
- إبقاء سجل طبي شامل لتاريخ الإنجاب لكل فرس
- فحص الحمل دوريًا بالموجات فوق الصوتية، خاصة بين اليوم 250–320
- تعديل النظام الغذائي ليتضمن التوازن المثالي من المعادن والفيتامينات
- عزل الأفراس الحوامل عن الخيول المريضة

الأسئلة الشائعة
هل يمكن أن يُصيب التهاب المشيمة الأفراس الصغيرة في العمر؟
نعم، العمر ليس عاملًا حاسمًا. ما يهمّ هو سلامة الجهاز التناسلي ونظافة بيئة التربية.
هل يُمكن أن تعود الفرس للحمل مجددًا بعد إصابتها؟
غالبية الأفراس تحمل مرة أخرى بنجاح بعد العلاج، بشرط معالجة العامل المسبب وتنفيذ برنامج وقائي محكم.
هل يُمكن العلاج في المنزل دون طبيب بيطري؟
لا يُنصح بذلك إطلاقًا، لأن الجرعات وطول مدة العلاج يجب أن تُحدَّد بدقة بواسطة الطبيب بناءً على نتائج التشخيص والفحوص.
الخلاصة
يُعتبر التهاب المشيمة أحد أخطر التحديات التي قد تواجه مربي الخيول؛ إلا أن الاكتشاف المبكر والعلاج الصحيح يقلّلان من مخاطره بشكل كبير. التزم بالمراقبة اليومية، ووفّر لفرسك بيئة نظيفة ودعمًا بيطريًا متواصلًا، لتحظى بفرصة مشاهدة مهر سليم يقف على قدميه لأول مرة.

المعلومات الواردة في هذا المقال لغرض التوعية ولا تُغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص.
المراجع
- بيترا سبنسر. “العناية بصحة الأفراس الحوامل..” , 2021. www.equineline.com