التهاب اللِّيبتوسبِيريات في الخيول: الدليل الشامل للوقاية والعلاج

يُعَدّ التهاب اللِّيبتوسبِيريات (Leptospirosis) واحداً من أخطر الأمراض البكتيرية المشتركة بين الإنسان والحيوان، إذ يسببه جنس Leptospira الذي يستطيع البقاء لفترات طويلة في البيئات الرطبة. في الخيول، قد يمر المرض دون أن يُلاحظ في مراحله الأولى، لكنه قد يتطور سريعاً مُسبِّباً التهابات كلويّة، عدوى رحمية، وحتى التهاب العنبية (Moon Blindness) في العين. يهدف هذا الدليل إلى تزويدك بكل ما تحتاج إلى معرفته عن المرض من حيث طرق العدوى، الأعراض، التشخيص، العلاج، والوقاية.

كيف تحدث العدوى لدى الخيول؟

تُطرح بكتيريا اللِّيبتوسبِيرا في البول من حيوانات مصابة (مثل القوارض أو الماشية) ثم تصل إلى مصادر المياه أو التربة. تدخل البكتيريا جسم الحصان عبر:

  • جروح أو خدوش في الجلد
  • الأغشية المخاطية للفم، والأنف، والعين
  • شرب ماء ملوث أو تناول أعلاف ملوثة

تزداد احتمالية العدوى في المناطق ذات الأمطار الغزيرة، المراعي الموحلة، أو عند وجود قوارض بكثافة عالية.

عوامل الخطورة الرئيسية

  1. وجود برك أو مستنقعات دائمة في المرعى
  2. تواصل الخيول مع ماشية أو حيوانات برية مصابة
  3. إهمال مكافحة القوارض داخل الاسطبل
  4. غياب برامج التطعيم الوقائية

الأعراض والعلامات الإكلينيكية

قد تظهر الأعراض بعد فترة حضانة تتراوح بين 7–14 يوماً، ويمكن أن تختلف شدة العلامات باختلاف عمر الحصان وحالته المناعية:

  • حمّى متقطّعة وخمول عام
  • فقدان شهية وانخفاض الوزن
  • زيادة في معدل التنفس والنبض
  • يرقان (اصفرار الأغشية المخاطية)
  • تورّم في الأرجل أو البطن نتيجة التهاب الكلى
  • الإجهاض المفاجئ لدى الأفراس الحوامل
  • التهاب العنبية أو ما يُعرف بـ «عمى القمر»

ملحوظة: قد تُصاب بعض الخيول دون ظهور أي علامة ظاهرة، ما يجعلها حاملة للمرض وتساهم في نشره داخل القطيع.

كيف يتم التشخيص؟

يبدأ الطبيب البيطري بأخذ تاريخ مرضي شامل، ثم يجري فحصاً سريرياً دقيقاً. تشمل وسائل التشخيص الأكثر شيوعاً:

  • اختبار الأجسام المضادة MAT: للكشف عن وجود أضداد اللِّيبتوسبِيرا في مصل الدم
  • تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR): لتحديد الحمض النووي للبكتيريا في البول أو سوائل الجسم
  • تحاليل الدم والكُلى: لقياس إنزيمات الكبد ووظائف الكلى
  • فحص العين بالمصباح الشقي: عند ظهور علامات التهاب العنبية

خيارات العلاج المتاحة

يعتمد العلاج الناجح على التدخل المبكر:

المضادات الحيوية

يُعتبر البنسلين وأوكسي تتراسيكلين من الخيارات الشائعة، وتُعطى عبر الحقن الوريدي أو العضلي لمدة 7–10 أيام أو حسب توجيه الطبيب.

العلاج الداعم

  • سوائل وريدية لتعويض الجفاف ودعم الكلى
  • مضادات التهابات غير ستيرويدية لتخفيف الألم والحمّى
  • قطرات أو مراهم عينية للسيطرة على التهاب العنبية

العزل ومكافحة العدوى

يجب عزل الحصان المصاب عن بقية الخيول، وارتداء معدات وقاية شخصية عند التعامل معه لتقليل خطر انتقال العدوى للبشر أو الحيوانات الأخرى.

فترة النقاهة والمتابعة

تتراوح مدة التعافي بين بضعة أسابيع وشهرين وفقاً لشدة الإصابة. يُنصح بـ:

  • إعادة فحص وظائف الكلى والكبد بعد 4 أسابيع
  • متابعة صحة العين شهرياً لتجنب المضاعفات المزمنة
  • العودة التدريجية إلى التمارين بعد استقرار العلامات الحيوية

استراتيجيات الوقاية

الوقاية أكثر فاعلية وأقل تكلفة من العلاج، وتشمل:

  • إدارة مصادر المياه: منع الخيول من الشرب من البرك الراكدة، وتوفير مياه نظيفة ومعقمة.
  • مكافحة القوارض: استخدام مصائد أو طعوم آمنة والحدّ من مصادر الغذاء داخل الاسطبل.
  • تنظيف وتطهير الأسطبلات: إزالة الروث ورش المطهرات بانتظام.
  • الفحص الدوري: إجراء اختبارات دورية للخيول التي تعيش في مناطق موبوءة.

التطعيم

يتوفر لقاح معتمد ضد بعض الأنماط المصلية من بكتيريا Leptospira. يوصَى بالتطعيم مرتين في السنة في المناطق عالية الخطورة أو حسب جدول الطبيب البيطري.

أسئلة شائعة

هل ينتقل مرض اللِّيبتوسبِيريات من الخيول إلى البشر؟

نعم، يمكن انتقاله عبر التلامس المباشر مع بول الحصان المصاب أو سوائل جسده، لذا يجب ارتداء قفازات وأحذية واقية أثناء التعامل مع الحصان.

هل جميع الخيول المصابة تُظهر أعراضاً واضحة؟

ليس بالضرورة؛ قد تحمل بعض الخيول البكتيريا دون ظهور علامات سريرية، ما يستوجب فحوصاً دورية خاصة للخيول في المناطق الموبوءة.

ما مدى فاعلية اللقاح؟

يوفّر اللقاح حماية عالية ضد الأنماط الشائعة محلياً إذا أُعطي وفق جدول منتظم، لكنه لا يغني عن إجراءات النظافة وإدارة البيئة.

الخلاصة

يُعد التهاب اللِّيبتوسبِيريات من الأمراض التي يمكن السيطرة عليها إذا ما جرى تشخيصها مبكراً واتُّخذت تدابير وقائية صارمة. اجعل من إدارة المياه ومكافحة القوارض والتنظيف الدوري روتيناً أساسياً في مزرعتك، ولا تهمل التطعيم والفحص الدوري. بفضل هذه الاستراتيجيات المتكاملة، يمكنك تقليل مخاطر المرض وحماية صحة خيولك لسنوات قادمة.

المراجع

  1. المركز الوطني لمعلومات التقنيات الحيوية. “التهاب اللِّيبتوسبِيريات: حقائق وإحصائيات.” , 2022-06-15. www.ncbi.nlm.nih.gov
  2. إلين وينتر. “دليل المربي لإدارة المخاطر الصحية في الخيول.” , 2021-03-10. www.horseandhound.co.uk

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version