التهاب الدماغ في الخيول: الدليل الشامل للأعراض، التشخيص، العلاج والوقاية
يُعَدّ التهاب الدماغ من أخطر الأمراض العصبيّة التي يمكن أن تُصيب الخيول، إذ يتسبّب في التهاب أنسجة الدماغ والنخاع الشوكي وآثار عصبيّة قد تكون دائمة أو قاتلة إذا تُرك دون علاج. في هذا الدليل الشامل، نستعرض كل ما تحتاج إلى معرفته عن المرض، من الأسباب والأعراض، مروراً بطرق التشخيص، وصولاً إلى أفضل أساليب العلاج والوقاية.
نظرة عامة على التهاب الدماغ عند الخيول
التهاب الدماغ (Encephalitis) هو حالة التهابية تصيب الجهاز العصبي المركزي، وغالباً ما يكون سببها فيروسات تنتقل بواسطة الحشرات (خصوصاً البعوض). بعض الأنواع قد تنتقل أيضاً عبر الطيور أو القوارض أو من خيل إلى أخرى في حالات نادرة. يختلف معدّل الوفيات بحسب الفيروس المُسبِّب، ولكن الأمراض مثل التهاب الدماغ الشرقي الخيلي (EEE) قد تصل نسبة الوفيات فيه إلى 90%.
أنواع الفيروسات المسبِّبة الشائعة
- EEE – Eastern Equine Encephalitis (التهاب الدماغ الشرقي الخيلي).
- WEE – Western Equine Encephalitis (التهاب الدماغ الغربي الخيلي).
- VEE – Venezuelan Equine Encephalitis (التهاب الدماغ الفنزويلي الخيلي).
- WNV – West Nile Virus (فيروس غرب النيل).
تتشارك هذه الفيروسات في طريقة انتقالها عبر الحشرات، إلا أنها تختلف في حدّة الأعراض ومعدّل الوفيات والانتشار الجغرافي.

الأعراض والعلامات السريرية
قد تظهر على الحصان المصاب عدة أعراض عصبيّة وجسديّة، وتشمل:
- الحمّى وارتفاع درجة الحرارة.
- العصبيّة أو الخمول الشديد.
- تيبُّس الرقبة وصعوبة رفع الرأس.
- فقدان التوازن أو الترنّح أثناء المشي.
- شلل جزئي أو كامل في الأطراف أو الوجه.
- التقلصات العضلية أو نوبات تشنّجية.
- العمى المؤقّت أو الدائم.
- صعوبة البلع أو شلل الحنجرة (صوت أزيز عند التنفّس).

متى يجب استدعاء الطبيب البيطري؟
إذا ظهرت أي من العلامات العصبيّة أو الحُمَّى غير المفسّرة، خصوصاً خلال موسم انتشار البعوض، ينبغي عزل الحصان فوراً والتواصل مع الطبيب البيطري، فالتشخيص والعلاج المبكران يساهمان في تحسين فرص النجاة.
أسباب وطرق الانتقال
يُعتبر البعوض الناقل الرئيسي لمعظم فيروسات التهاب الدماغ. تلتقط الحشرة الفيروس من طائر أو ثدييّ مصاب ثم تنقله بخزّها حصاناً سليماً. تختلف فصائل البعوض باختلاف المناطق الجغرافية، ما يجعل على المربّي معرفة موسم الذروة واتخاذ إجراءات الحماية المناسبة.
- بيئات راكدة المياه هي الأكثر جذباً للبعوض.
- الخيول التي تعيش بالقرب من أحواض أو مستنقعات أكثر عرضة للإصابة.
- تربية الطيور الداجنة أو مرور الطيور المهاجرة قد يزيد من خطر الانتقال.
التشخيص
يشمل التشخيص عادةً الآتي:
- الفحص السريري: تقييم العلامات العصبية.
- اختبارات الدم: قياس الأجسام المضادّة أو الكشف المباشر عن الفيروس.
- بزل السائل الدماغي الشوكي (CSF): للتحقق من وجود التهابات.
- اختبارات التشخيص الجزيئي: مثل PCR لتحديد الفيروس بدقة.
- اختبارات استبعادية: للتفريق بين التهاب الدماغ وأمراض عصبيّة أخرى مثل داء الخيل الهزلي (EPM).

نصيحة الخبراء: يُفضَّل إرسال عينات الدم إلى مختبر بيطري مُعتمَد فور جمعها لضمان نتائج دقيقة وسريعة.
خيارات العلاج
لا يوجد علاج مضاد فيروسي مباشر لمعظم فيروسات التهاب الدماغ، لذا يركّز الأطباء البيطريون على الرعاية الداعمة:
- السوائل الوريدية للحفاظ على الترطيب.
- الأدوية المضادّة للالتهاب (مثل NSAIDs والكورتيكوستيرويدات) لتقليل تورّم الدماغ.
- المهدّئات للحد من النوبات أو التهيّج.
- الدعم الغذائي عبر أنابيب الإطعام إذا كان الحصان غير قادر على البلع.
- استخدام وسادات ناعمة وأسوار لحماية الحصان من إصابات رأسية أثناء التشنّجات.
تستمر العناية الداعمة عادةً من أيام إلى أسابيع تبعاً لمدى استجابة الحصان وتحسن حالته العصبية.

التعافي والمتابعة
يعتمد معدّل التعافي على الفيروس المسبِّب وسرعة التدخل العلاجي. بعض الخيول تستعيد عافيتها بالكامل في غضون أسابيع، بينما قد تبقى لدى أخرى آثار عصبية دائمة مثل ضعف الأطراف أو تغير السلوك. ينصح بالمتابعة البيطرية الدورية للتأكّد من تقدّم الحالة، وإعادة تقييم خطة العلاج الداعم عند الحاجة.

استراتيجيات الوقاية
- التطعيم: لقاحات فعّالة لمعظم الفيروسات (EEE، WEE، WNV). يجب تكرار الجرعات وفق جدول الطبيب البيطري.
- مكافحة البعوض: التخلص من مصادر المياه الراكدة، استخدام مصائد البعوض، ورش مبيدات حشرية آمنة في الإسطبلات.
- الحواجز الجسدية: تركيب شِباك دقيقة حول الإسطبل وتقليل إضاءة الليل التي تجذب الحشرات.
- تعزيز مناعة الخيل: تغذية متوازنة ومكملات عالية الجودة لدعم الجهاز المناعي.

أسئلة شائعة
هل يمكن أن ينتقل التهاب الدماغ من الخيل إلى الإنسان؟
الانتقال المباشر من الخيل إلى الإنسان نادر جداً، ولكن بعض الفيروسات (مثل غرب النيل) يمكن أن تُصيب البشر عبر نفس الناقل وهو البعوض.
كم مرة يجب تلقيح الخيل؟
عادةً تُعطى اللقاحات مرتين سنوياً في المناطق عالية الخطورة (الربيع والخريف)، بينما تكفي جرعة واحدة سنوياً في المناطق ذات الخطورة المنخفضة، حسب إرشادات الطبيب البيطري المحلي.
هل يمكن لحصان مصاب أن يتعافى تماماً؟
نعم، هناك خيول تتعافى بشكل كامل خصوصاً إذا تم علاجها سريعاً. إلا أنّ نسبة الشفاء تقل في حالات EEE مقارنة بـ WNV، ويعتمد ذلك على شدّة الالتهاب ومدى الضرر العصبي.
الخلاصة
التهاب الدماغ مرض خطير، لكن الوقاية والتدخّل المبكر يقللان من آثاره بشكل ملحوظ. احرص على التطعيم الدوري، مكافحة الحشرات، ومراقبة خيلك لأي تغيّرات عصبية أو حُمَّى. تذكّر دائماً أن استشارة الطبيب البيطري هي أفضل خطوة لحماية صديقك الفروسي.
تنبيه: المعلومات الواردة في هذا المقال للأغراض التثقيفية ولا تغني عن استشارة الطبيب البيطري المعتمَد.
المراجع
- مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC). “فيروس غرب النيل.” , 2023-02-05. www.cdc.gov
- مكتبة الطب الوطني الأمريكية. “التهاب الدماغ الفيروسي.” , 2022-03-15. medlineplus.gov