التسمم بالزرنيخ عند القطط: دليل شامل للأعراض والتشخيص والعلاج والوقاية
يُعدّ الزرنيخ واحداً من أشد المواد السامّة المعروفة، ويمكن أن يتعرّض له القط في المنزل أو الحديقة أو حتى من خلال غذائه ومياه الشرب. ورغم أن حالات التسمم بالزرنيخ نادرة نسبياً في الوقت الحاضر بفضل القوانين التي قلّصت استخدامه، إلا أن الخطر ما زال قائماً، خصوصاً في البيئات الريفية أو المنازل التي يوجد فيها مبيدات حشرية أو أدوية بيطرية قديمة. في هذا الدليل سنساعدك على التعرّف إلى مصادر الزرنيخ، علامات التسمم، خطوات التشخيص، خيارات العلاج، وكيفية حماية قطّك من هذا الخطر الصامت.

ما هو الزرنيخ ولماذا يُعدّ خطيراً؟
الزرنيخ عنصر كيميائي ثقيل يوجد بشكلين رئيسيين: غير عضوي (أشدّ سمّية) وعضوي. يستخدم الشكل غير العضوي تقليدياً في المبيدات الحشرية ومضادات الطحالب وعوامل حفظ الأخشاب، بينما يوجد الشكل العضوي طبيعياً بكميات ضئيلة في التربة والمياه وبعض الأعشاب البحرية. عند دخول الزرنيخ إلى جسم القط، يثبّط إنزيمات حيوية مهمة لإنتاج الطاقة الخلوية، ما يؤدي إلى فشل مفاجئ في أعضاء متعدّدة.
مصادر محتملة لتعرّض القطط للزرنيخ
معرفة المصادر تساعد على منع الحوادث قبل وقوعها:
- مبيدات القوارض والحشرات القديمة المخزّنة في المرآب أو الحديقة.
- الأسمدة الصناعية الغنية بالمغذيات الدقيقة.
- الأخشاب المُعالجة بمواد حافظة تحتوي على مركبات زرنيخية (مثل الأسطح الخشبية القديمة أو أثاث الحدائق).
- مياه الآبار الملوّثة بالمعادن الثقيلة في بعض المناطق الريفية.
- بقايا أدوية بيطرية أو بشرية قديمة كانت تحتوي تاريخياً على مركبات الزرنيخ.
- تناول القوارض أو الحشرات المسمَّمة بالزرنيخ.

الأعراض والعلامات السريرية
غالباً ما تظهر العلامات خلال ساعات قليلة من التعرّض، لكنها قد تتأخر إذا كانت الجرعة منخفضة أو تراكمية:
- اضطرابات هضمية: قيء شديد، إسهال مدمّى أو مائي، فقدان الشهية.
- علامات عصبية: ارتعاش عضلي، ترنّح، ضعف أو شلل في الأطراف الخلفية.
- مشكلات تنفّسية: سرعة تنفّس أو صعوبة في التنفس.
- أعراض جهازية: حمى أو انخفاض درجة حرارة الجسم، جفاف، خمول شديد.
- تغيرات جلدية وفموية: التهاب اللثة، تقرّحات في الفم، تشققات جلدية حول الفم.
- في الحالات المتقدمة قد تظهر علامات فشل كلوي أو كبدي حادّ.

متى يجب زيارة الطبيب البيطري؟
أي ظهور مفاجئ للقيء المتكرر، الإسهال المدمّى، أو الارتعاش العصبي يستدعي تدخلاً بيطرياً فورياً، خاصة إذا اشتبهت في وصول قطّك إلى مواد كيميائية. لا تحاول إحداث القيء أو إعطاء أدوية منزلية دون استشارة المختص، إذ قد تُفاقم بعض الإجراءات الضرر.
كيفية تشخيص التسمم بالزرنيخ
يعتمد التشخيص على مزيج من التاريخ المرضي، الفحص السريري، واختبارات مخبرية متخصصة:
- التاريخ البيئي: سؤال المالك عن وجود مبيدات، أسمدة، أو مياه آبار.
- الفحص السريري: تقييم حالة الترطيب، أغشية الفم، العلامات العصبية.
- اختبارات الدم: ارتفاع إنزيمات الكبد والكلى، عدم توازن الكهارل.
- تحليل البول: الكشف عن بلورات أو دم، وفحص مستوى الزرنيخ.
- التحاليل المتخصصة: قياس تركيز الزرنيخ في الدم أو الشعر أو محتويات المعدة.
- تصوير بالأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية: لاستبعاد ابتلاع جسم معدني أو تقييم الأعضاء الداخلية.

خيارات العلاج
الإسعاف الأولي في المنزل
اتصل بالطبيب البيطري أو مركز السموم فوراً. لا تُعطِ قطّك حليباً أو زيتاً أو محاليل منزلية، فقد تزيد امتصاص السم. احتفظ بعينة من القيء أو المادة المشتبه بها لإرسالها للتحليل.
العلاج في العيادة البيطرية
- تثبيت الحالة: إعطاء سوائل وريدية لتعويض الجفاف وتصحيح الكهارل.
- عوامل مخلبية (Chelation Therapy): مثل Dimercaprol أو D-penicillamine أو Succimer لارتباط الزرنيخ وتسهيل طرحه.
- غسيل معدة أو إعطاء فحم نشط: حسب توقيت الابتلاع واستقرار القط.
- علاج داعم: مضادات قيء، مسكنات ألم، ومكملات فيتامين ب للمساعدة في إصلاح الأنسجة العصبية.
- مراقبة مستمرة: قياس الوظائف الكلوية والكبدية ومتابعة معدل البول.

فترة النقاهة والمتابعة
يتوقف الزمن اللازم للتعافي على درجة التسمم والعضو المتأثر. في الحالات الخفيفة قد يعود القط إلى طبيعته خلال أيام، بينما تحتاج الحالات الشديدة إلى أسابيع من الرعاية المنزلية والفحوص الدورية. اتبع تعليمات الطبيب بدقة بخصوص النظام الغذائي، الأدوية، وجدول إعادة تقييم وظائف الأعضاء.
طرق الوقاية
الوقاية دائماً أسهل من العلاج:
- حفظ المبيدات والأسمدة في خزائن مُحكمة وبعيدة عن متناول الحيوانات.
- التخلص الآمن من الأدوية أو المواد الكيميائية منتهية الصلاحية.
- تغطية أو استبدال الأخشاب المُعالجة القديمة في الفناء.
- فحص مياه الآبار المنزلية سنوياً وتحليلها للمعادن الثقيلة.
- مراقبة القط ومنعه من اصطياد القوارض في المناطق المرشوشة بالمبيدات.
أسئلة شائعة
- هل يمكن أن ينتقل الزرنيخ إلى الإنسان عند ملامسة القط؟
- احتمالية انتقال الزرنيخ إلى الإنسان منخفضة جداً إذا تم غسل اليدين بعد التعامل مع القط. الخطر الأكبر يكمن في ملامسة المادة السامة نفسها، لذا يجب تنظيف المكان والتخلص من المصدر.
- هل يختفي الزرنيخ بالكامل من جسم القط بعد العلاج؟
- العلاج بالمُخلّبات يساعد على طرح معظم الزرنيخ، لكن قد تبقى آثار ضئيلة في الشعر أو الأنسجة. المتابعة المخبرية تضمن عودة المستويات إلى نطاق آمن.
- هل الفحم النشط آمن لجميع القطط؟
- نعم، لكن يجب استخدامه تحت إشراف بيطري لتحديد الجرعة الصحيحة والتأكد من عدم وجود انسداد معوي أو خطر استنشاقه.
الخلاصة
التسمم بالزرنيخ حالة طارئة خطيرة، لكن التشخيص المبكر والعلاج السريع يزيدان فرص النجاة بشكل كبير. احمِ قطّك بتخزين المواد السامة بعيداً، وفحص مصادر المياه، وطلب الرعاية البيطرية فور الاشتباه بأي ابتلاع لمادة خطرة. بوعي المالك وتدخّل الطبيب في الوقت المناسب، يمكن لمعظم القطط استعادة عافيتها والعودة إلى حياتها الطبيعية.