اعتلال عضلة القلب التقييدي عند القطط: الدليل الشامل للتشخيص والعلاج
يكمن قلب القطة في ضخ الحنان كما يضخ الدم، ولكن عندما تصاب بعض القطط باعتلال عضلة القلب التقييدي (Restrictive Cardiomyopathy) تتبدل هذه الصورة الوديعة إلى تحدٍ صحي خطير يستدعي تدخلاً بيطرياً دقيقاً. في هذا الدليل المتكامل ستجد كل ما تحتاج إلى معرفته؛ من أسباب المرض، وأعراضه الخفية، وصولاً إلى أحدث وسائل التشخيص وأفضل بروتوكولات العلاج والرعاية المنزلية.

لمحة سريعة عن اعتلال عضلة القلب التقييدي
اعتلال عضلة القلب التقييدي (RCM) هو أحد ثلاثة أشكال رئيسية من أمراض عضلة القلب لدى القطط، إلى جانب الاعتلال التضخمي (HCM) والاعتلال التوسعي (DCM). يتميّز RCM بتيبّس الجدران الداخلية للبطينين نتيجة تليّف أو ترسّب أنسجة ليفية داخل بطانة القلب (الاندوكارديوم). هذا التصلّب يمنع البطينين من التمدد الكامل أثناء مرحلة الامتلاء بالدم (الانبساط)، ما يؤدي إلى:
- ارتفاع الضغط داخل الأذينين
- تضخّم الأذينين بشكل ملحوظ
- انخفاض كفاءة ضخ الدم إلى الجسم
- تطوّر سريع لفشل القلب الاحتقاني
الأعراض والعلامات السريرية الأكثر شيوعاً
غالباً ما يُطلق على اعتلال عضلة القلب التقييدي لقب «القاتل الصامت» لأنه قد يتطور على مدى أشهر دون ملاحظة أي عَرَض واضح. ومع ذلك، تُعدّ المؤشرات التالية الأكثر شيوعاً:
- صعوبات في التنفس: قد تلهث القطة بسرعة أو تتنفس بفتح الفم بسبب تراكم السوائل في الصدر (انصباب جنبي) أو الوذمة الرئوية.
- الخمول وقلّة الحركة: يتناقص مستوى الطاقة لأن القلب لم يعد يضخ كمية كافية من الدم المؤكسج.
- فقدان الشهية ونقص الوزن: يشيع لدى القطط ذات الأمراض القلبية المزمنة.
- برودة الأطراف أو ضعف النبض: نتيجة ضعف الدورة الدموية المحيطية.
- أصوات قلب غير طبيعية: يُسمع خفقان أو نفخة أو إيقاع «كالوب» عند الاستماع بالسماعة البيطرية.
- جلطات الأطراف الخلفية (الصمة الأبهَرية): قد تظهر القطة فجأة وهي تصرخ من الألم وتجر أحد أطرافها الخلفية.

الأسباب والعوامل المهيّئة
لا يزال السبب الدقيق لاعتلال عضلة القلب التقييدي مجهولاً في معظم الحالات، لكن أحدث الدراسات تُشير إلى العوامل التالية:
- التهاب عضلة القلب السابق أو إصابة جرثومية/فيروسية بالقلب
- اضطرابات المناعة الذاتية التي تؤدي إلى التهاب بطانة القلب
- ترسّب الخلايا الالتهابية أو الأورام داخل جدار القلب
- الاستعداد الوراثي في بعض السلالات، خاصة القطط المتقدمة في العمر (≥ 9 سنوات)
- ارتفاع ضغط الدم وفرط نشاط الغدة الدرقية كعوامل محفّزة تفاقم المرض
التشخيص: كيف يكتشف الطبيب البيطري RCM؟
يبدأ التشخيص بفحص سريري شامل يلاحظ فيه الطبيب سرعة التنفس وإيقاع القلب وصوت الرئتين. إلا أن تأكيد الإصابة يتطلّب عادة:
1. الفحوص المخبرية
تحاليل الدم والبول تساعد على استبعاد أمراض أخرى مثل فرط نشاط الغدة الدرقية، أو أمراض الكلى، أو العدوى الجهازية.
2. تصوير الصدر بالأشعة السينية
يكشف عن تضخّم الأذينين وتراكم السوائل حول الرئتين.
3. تخطيط صدى القلب (الإيكو)
يُعدّ حجر الزاوية في تشخيص اعتلال عضلة القلب التقييدي، حيث يوضح:
- أذينين متوسعين بشكل واضح
- بطينين بحجم طبيعي أو أصغر من الطبيعي مع حركية جدران سليمة نسبياً
- احتمال وجود جلطات داخل القلب
4. تخطيط كهربائية القلب (ECG)
قد يُظهر اضطرابات في النظم مثل الرجفان الأذيني أو انقباضات بطينية مبكرة.
5. تحليل السوائل الجنبيّة
في حال وجود انصباب، يتم سحب عينة وتقييمها لاستبعاد العدوى أو الأورام.
خيارات العلاج وإدارة الحالة
لا يمكن شفاء اعتلال عضلة القلب التقييدي نهائياً لأن الندبات الليفية داخل القلب لا يمكن عكسها، لكن يمكن السيطرة على الأعراض وإطالة عمر القطة عبر مزيج من الأدوية والرعاية المستمرة:

1. مدرّات البول (مثل الفوروسيميد)
تقلل من تراكم السوائل في الرئتين وتجويف الصدر.
2. مثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين (ACE inhibitors)
تساعد على خفض ضغط الدم وتقليل العبء على القلب.
3. أدوية مضادة لاضطراب النظم
مثل ديلتيازم أو أتينولول لضبط سرعة القلب إذا كان هناك رجفان أذيني.
4. مميّعات الدم (كلوبيدوغريل أو هيبارين منخفض الوزن الجزيئي)
للوقاية من الجلطات، خاصة الصمة الأبهَرية المؤلمة.
5. الأكسجين وسحب السوائل
قد تحتاج القطة إلى الأكسجين في الحالات الحادة مع ضرورة القيام بعملية بزل الصدر (thoracocentesis) لسحب السوائل المتراكمة.
الرعاية المنزلية والمتابعة الدورية
يلعب المربّي دوراً محورياً في نجاح خطة العلاج. فيما يلي أهم النصائح:
- إعطاء الأدوية في مواعيدها دون انقطاع
- مراقبة معدل التنفس أثناء الراحة (يجب ألا يتجاوز 30 نفساً في الدقيقة)
- تقديم غذاء غني بالبروتين ومتوازن الصوديوم طِبقا لتوصيات الطبيب
- الحفاظ على بيئة خالية من التوتر، مع وصول سهل إلى الطعام وصندوق الفضلات
- مراجعة الطبيب كل 3–6 أشهر لإعادة تقييم القلب بالأشعة والإيكو
التنبؤ بالمآل
يعتمد متوسط البقاء على عوامل عدة، منها شدة التليف ووجود فشل قلبي أو جلطات. تشير الدراسات إلى أن معظم القطط تعيش من 6 أشهر إلى 3 سنوات بعد التشخيص مع رعاية مناسبة، لكن بعض الحالات المتقدمة قد تستمر فقط لأسابيع. الكشف المبكر والالتزام الصارم بالعلاج هما العاملان الأهم لإطالة العمر وتحسين جودة الحياة.
معلومة سريعة: في دراسة سريرية موسعة، عاش 25% من القطط المصابة بـ RCM أكثر من عامين عندما تلقّت علاجاً وقائياً ضد الجلطات بالإضافة إلى مدرات البول.
أسئلة شائعة
هل يمكن منع اعتلال عضلة القلب التقييدي؟
لا توجد وسيلة مؤكدة للوقاية حالياً، لكن الفحوص القلبية الروتينية للقطط الأكبر من 8 سنوات تساعد على اكتشاف المرض قبل تطور الأعراض الخطيرة.
هل يحتاج نظام غذاء خاص؟
يفضل طعام رطب قليل الصوديوم وغني بالتورين والأحماض الدهنية أوميغا-3 لدعم صحة القلب.
هل يمكن للقطة ممارسة اللعب؟
النشاط الخفيف مقبول، بينما يجب تجنب المجهود العنيف الذي يزيد معدل نبض القلب ويُرهق الدورة الدموية.
في الختام، يمثل اعتلال عضلة القلب التقييدي تحدياً جدياً، لكن اكتشافه مبكراً والالتزام بخطة علاجية شاملة يرفعان فرص القط في حياة أطول وأكثر راحة.
المراجع
- هندرا توه. “Veterinary Management of Feline Heart Disease.” , 2019-08-05. www.frontiersin.org