اضطراب السلوك القهري عند الكلاب: دليل شامل لفهم المشكلة وعلاجها
قد يبدو مشهد مطاردة الكلب لذيله أو لعق فرائه باستمرار أمرًا طريفًا للوهلة الأولى، لكنه قد يكون في الواقع علامة على اضطراب سلوكي خطير يُعرف باسم اضطراب السلوك القهري لدى الكلاب (Canine Compulsive Disorder – CCD). يهدف هذا الدليل إلى تزويدك بكل ما تحتاج معرفته عن هذا الاضطراب، من الأعراض والأسباب إلى أساليب التشخيص والعلاج الفعّالة.

ما هو اضطراب السلوك القهري لدى الكلاب؟
اضطراب السلوك القهري هو حالة تظهر فيها لدى الكلب سلوكات متكررة ومبالغ فيها، لا تخدم أي غرض واضح، وتستمر حتى في غياب المحفّز الأصلي. بمرور الوقت، تصبح هذه السلوكات روتينًا يصعب على الكلب التوقف عنه، ما يؤثر سلبًا في صحته الجسدية والنفسية.
الأعراض والعلامات الشائعة
قد تختلف المظاهر من كلب لآخر، لكن أكثر السلوكات القهرية شيوعًا تشمل:
- مطاردة الذيل أو الدوران حول الذات بشكل متكرر
- اللعق أو المضغ أو القضم المستمر للجلد أو الفراء أو الأجسام المحيطة
- مصّ الجنب (flank sucking) أو مصّ الأغطية والألعاب القماشية
- المشي ذهابًا وإيابًا (pacing) لساعات طويلة
- مطاردة أضواء أو ظلال غير موجودة (fly-snapping)
- النباح المتواصل بلا سبب واضح

الأسباب والعوامل المؤثرة
لا يُعزى اضطراب السلوك القهري إلى عامل واحد، بل هو نتاج تفاعل معقّد بين العوامل البيئية، الوراثية، والطبية:
1. العوامل البيئية والنفسية
- ضغط نفسي مستمر (وحدة، ملل، تغيير مفاجئ في الروتين)
- صدمات نفسية سابقة أو معاملة قاسية
- غياب التحفيز الذهني والبدني الكافي
2. العوامل الوراثية
بعض السلالات (مثل الدوبرمان، والراعي الألماني، والبولي تيرير) لديها استعداد أعلى لتطوير سلوكات قهرية، ما يشير إلى دور وراثي محتمل.
3. الأسباب الطبية المحتملة
قد تُحفَّز السلوكات القهرية نتيجة مشكلات صحية، منها:
- أمراض جلدية تسبب الحكة (حساسية، طفيل، عدوى فطرية)
- آلام مزمنة في المفاصل أو العمود الفقري
- اضطرابات عصبية أو هرمونية

كيف يشخّص الطبيب البيطري الاضطراب القهري؟
لا يكفي مجرد ملاحظة السلوك لتأكيد التشخيص؛ إذ يجب استبعاد أي حالة جسدية قد تكون وراء السلوك. يشمل التشخيص عادةً:
- أخذ تاريخ طبي وسلوكي مفصّل من المالك
- فحصًا بدنيًا شاملًا وفحصًا عصبيًا
- تحاليل دم وبول، وأحيانًا صور أشعة أو أشعة مقطعية
- مراجعة تسجيلات فيديو للسلوك إن أمكن

خطة العلاج وإدارة الحالة
يُفضَّل استخدام نهج متعدد الجوانب يجمع بين التعديل البيئي، العلاج السلوكي، والأدوية عند الحاجة.
1. التعديل البيئي والسلوكي
- زيادة فترات التمارين اليومية (المشي، الجري، ألعاب الجلب)
- تقديم ألعاب ذهنية مثل الألغاز الغذائية وتمارين البحث
- إرساء روتين ثابت لتقليل التوتر
- تعزيز سلوك بديل إيجابي عند بداية السلوك القهري
- تجنّب العقاب؛ إذ يزيد من القلق ويُفاقم الحالة
2. الأدوية
حين لا يكفي التعديل السلوكي وحده، قد يصف الطبيب البيطري أدوية مثل:
- كلوميبرامين (Clomipramine)
- فلوكسيتين (Fluoxetine)
- سيرترالين (Sertraline)
يجب استخدام هذه الأدوية تحت إشراف بيطري صارم، وتستغرق عدة أسابيع لبدء المفعول.
3. تقنيات تعديل السلوك
- التعرّف المبكّر إلى مُحفّزات السلوك وتجنبها
- استخدام أوامر منافِسة (كالجلوس أو الاستلقاء) لتحويل انتباه الكلب
- تعزيز الاسترخاء عبر تمارين التنفس العميق والتدليك

الرعاية اليومية والمتابعة
إنشاء «مفكرة سلوك» يسجل فيها المالك توقيت حدوث السلوك وشدته يساعد الطبيب في تقييم تقدم العلاج. كما يُنصح بزيارة متابعة كل 4–6 أسابيع لتعديل الخطة حسب الحاجة.
متى يجب طلب مساعدة عاجلة؟
- عند حدوث إيذاء ذاتي (نزيف، التهابات جلدية شديدة)
- عندما يمنع السلوك الكلب من الأكل أو النوم
- إذا ظهرت أعراض جديدة مثل النوبات العصبية أو التقيؤ المتكرر
الوقاية: كيف تقلل من خطر إصابة كلبك بالسلوك القهري؟
يُعد الوقاية خير علاج، وتشمل:
- بدء عملية التنشئة الاجتماعية مبكرًا
- توفير تمرينات بدنية وذهنية يومية
- مراقبة أي علامات مبكرة من القلق أو الخوف والتعامل معها فورًا
إذا لاحظت أي سلوك قهري مستمر لدى كلبك، لا تتردد في استشارة طبيبك البيطري أو اختصاصي سلوك معتمد. التدخل المبكر يزيد فرص التعافي ويحفظ رفاهية كلبك.
أسئلة شائعة
هل يمكن أن يختفي السلوك القهري وحده؟
نادراً ما يختفي دون تدخل؛ التدخل العلاجي ضروري لمنع تفاقم الحالة.
كم يستغرق العلاج الدوائي ليظهر أثره؟
قد تتطلب بعض الأدوية 4–8 أسابيع لإحداث تحسّن ملموس، وأحيانًا فترة أطول حسب شدة الحالة.
هل يمكن علاج اضطراب السلوك القهري نهائيًا؟
يُعد التحكم طويل الأمد أكثر شيوعًا من «الشفاء التام»، لكن يمكن تقليل السلوك إلى حد كبير وتحسين جودة الحياة باتباع خطة علاج شاملة.