احمِ خيلك من التسمم بالأفلاتوكسين: دليل شامل للأعراض، التشخيص، العلاج والوقاية
قد يكمن الخطر في حفنةٍ صغيرةٍ من العلف الملوث، لذلك يُعدّ التعرُّف على الأفلاتوكسين والتعامل السريع معه مسألة حياة أو موت لخيلك.
ما هو الأفلاتوكسين؟
الأفلاتوكسين عبارة عن سمّ فطري قوي تنتجه فطريات Aspergillus flavus وAspergillus parasiticus عند نموها على محاصيل غنية بالطاقة مثل الذرة والفول السوداني والقطن. تُصنَّف السموم إلى أربع مجموعات رئيسية – B1، B2، G1، G2 – ويُعَدّ الأفلاتوكسين B1 الأكثر سُميّة بينها. عندما يستهلك الحصان علفًا ملوَّثًا، ينتقل السم مباشرةً إلى الكبد مُسببًا تلفًا حادًّا في الخلايا الكبدية واضطرابًا في تخثر الدم والجهاز العصبي.
كيف تصل العدوى للخيول؟

تنمو الفطريات في بيئات دافئة ورطبة (أكثر من 25° مئوية ورطوبة أعلى من 13٪). فيما يلي أهم مصادر التلوّث:
- الذرة المجروشة أو المخزنة لفترات طويلة.
- الفول السوداني ومخلفاته مثل قشور الفول.
- وجبة بذور القطن، والحبوب المضغوطة (Pellets) مجهولة المصدر.
- الأعلاف المخزنة على الأرض أو في حظائر سيئة التهوية.
عوامل تزيد خطر التسمم
تشمل العوامل التي تجعل خيلك أكثر عرضة للتسمم:
- رطوبة العلف المرتفعة أو تخزينه في أكياس بلاستيكية من دون تهوية.
- الطقس الدافئ الرطب أو تغير مفاجئ في درجات الحرارة.
- تخزين العلف لفترات تتجاوز 60 يومًا بدون فحص دوري.
- افتقار العليقة إلى مضادات الأكسدة الطبيعية مثل الفيتامين E والسيلينيوم.
علامات التسمم بالأفلاتوكسين عند الخيول

تتفاوت الأعراض باختلاف كمية السم ومدّة التعرُّض له. يمكن تقسيمها إلى حادة ومزمنة:
الأعراض الحادة
- فقدان الشهية المفاجئ والخمول الشديد.
- آلام مغصية، إسهال مائي، وربما قيء رغوي.
- يرقان (اصفرار اللثة والعين) بسبب تلف الكبد.
- نزيف من الأنف أو اللثة واضطراب في تخثر الدم.
- ترنُّح، ارتعاش عضلي، تشنجات أو نوبات عصبية.
- نفوق مفاجئ في الحالات شديدة السُمية.
الأعراض المزمنة
- نقص وزن تدريجي ولفظ جزئي للعلف.
- ضعف الأداء الرياضي وبطء النمو عند الخيول الصغيرة.
- تغير لون الشعَرة وقِلّة لمعانها.
- وهن جهاز المناعة وازدياد قابلية الإصابة بالعدوى.
كيف يؤثر السم في جسم الحصان؟
عقب امتصاص الأفلاتوكسين من الأمعاء، ينقله الدم إلى الكبد حيث يتحول إلى مركَّبات أكثر سُميّة (Aflatoxin-8,9-epoxide). تؤدي هذه المركّبات إلى الآتي:
- تثبيط تصنيع البروتينات الأساسية، خصوصاً عوامل التخثر والألبومين.
- تلف جيني (DNA) ووفاة الخلايا الكبدية.
- تراكم الأمونيا في الدم وحدوث اعتلال دماغي كبدي.
- تثبيط جهاز المناعة وزيادة خطر العدوى الثانوية.
التشخيص

- التاريخ المرضي وفحص العلف: السؤال عن مصدر العلف ومدة تخزينه وظهور العفن بالعين المجردة.
- الفحص الإكلينيكي: تقييم لون الأغشية المخاطية، معدل النبض والتنفس، ومظهر البراز.
- تحاليل الدم:
- ارتفاع إنزيمات الكبد (AST، GGT، ALP).
- زيادة البيليروبين وقلة الألبومين.
- إطالة زمن البروثرومبين (PT) وزمن الثرومبوبلاستين الجزئي (APTT).
- تحليل العلف أو نسيج الكبد: باستخدام تقنيات كروماتوغرافيا سائلة عالية الأداء (HPLC) للكشف عن تركيز الأفلاتوكسين (>20 ppb يمثل خطورة).
- خزعة الكبد (اختياري): لإثبات التنكس الدهني أو النخر الكبدي.
العلاج والرعاية الداعمة

لا يوجد ترياق مباشر للأفلاتوكسين، لكن التدخل المبكر يُحسِّن فرص النجاة:
- إيقاف العلف الملوَّث فورًا: واستبداله بأعلاف عالية الجودة من مصدر موثوق.
- علاج داعم للكبد: سيليمارين (مستخلص شوك الحليب)، SAMe، فيتامين E، السيلينيوم، وفيتامين C كمضادات أكسدة.
- ربط السم في الأمعاء: إعطاء الفحم المنشط (1–4 غ/كغ فمويًا) أو الكوليستيرامين.
- السوائل الوريدية والجلوكوز: لتعويض الجفاف وتصحيح الاختلالات الأيضية.
- فيتامين K1 أو حقن بلازما: لعلاج اضطرابات التخثر والنزيف.
- الحد من الأمونيا: لاكتولوز فموي أو شرجي لمنع الاعتلال الدماغي الكبدي.
- تغذية علاجية: بروتين عالي الجودة، قليل الدسم، مقسّم إلى وجبات صغيرة سهلة الهضم.
التوقعات والمآل
تتوقّف فرص النجاة على كمية السم ومدّة التعرُّض، إضافة إلى سرعة التدخل العلاجي. الخيول التي تتلقى علاجًا مبكرًا قبل حدوث تليُّف كبدي دائم قد تتعافى خلال أسابيع. أما الحالات التي يُلاحظ فيها ارتفاع شديد في إنزيمات الكبد (> 10 أضعاف الطبيعي) أو النزيف المعمَّم، فغالبًا ما يكون المآل فيها حذرًا.
إرشادات وقائية لحماية خيلك

- شراء الأعلاف من مورّدين معتمدين مع شهادات خلوّ من السموم الفطرية.
- تخزين العلف في مكان جاف، جيِّد التهوية، وبعيد عن مصادر الرطوبة.
- المحافظة على الرطوبة أقل من 12٪ وإبقاء درجة الحرارة أقل من 20° مئوية إن أمكن.
- استخدام مواد مانعة للعفن مثل حمض البروبيونيك عند التخزين الطويل.
- تدوير المخزون كل 30–45 يومًا وعدم خلط العلف القديم بالجديد.
- فحص العلف بصريًا ورائحياً؛ أي رائحة فطر أو تغيُّر لون يستوجب التخلص الفوري.
أسئلة شائعة
هل من الآمن غسل الحبوب المصابة قبل تقديمها للحصان؟
الغسل لا يزيل السموم على نحو كامل؛ الأفلاتوكسين يخترق حبوب الذرة والفول. الحل الوحيد هو التخلص من العلف الملوَّث.
هل يؤثر التسمم بالأفلاتوكسين في خيول السباق أكثر من غيرها؟
الخيول الرياضية تُظهر الأعراض بشكل أسرع لأن احتياجاتها الأيضية أعلى، لكن جميع الخيول عرضة للسموم بنفس القدر عند التعرُّض.
هل ينتقل الأفلاتوكسين إلى البشر عبر لحوم الخيول أو حليب الأفراس؟
على الرغم من أن الخيول ليست مصدرًا شائعًا للغذاء البشري، إلا أن الدراسات تبيّن إمكان تواجد بقايا السموم في الأنسجة. لذلك يُنصَح بعدم استهلاك منتجات حيوان مصاب.
خلاصة
يبدأ الطريق إلى الوقاية بتخزين العلف على النحو الصحيح وفحصه دوريًا. أمّا في حال ظهور أي من الأعراض المذكورة، فاستدعِ الطبيب البيطري فورًا، واعزل العلف المُشتبه به. التدخل السريع هو الفارق الأهم لإنقاذ كبد خيلك وحياته.
تنويه: المعلومات الواردة هنا للتثقيف ولا تُغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص.
المراجع
- حسن جابر. “التسمم بالأفلاتوكسين: الوقاية والعلاج.” , 2020-12-01. pubmed.ncbi.nlm.nih.gov