إلى أي حد يعكس كلبك شخصيتك؟ حقيقة تأثير المربّي في تشكيل طباع الكلاب
هل لاحظت من قبل أنّ كلبك يتصرّف على نحوٍ يشبهك، أو أنّ مزاجه يتقلّب تزامنًا مع مزاجك؟ قد يبدو الأمر صدفةً لطيفة، لكنّ العلم يشير إلى أنّ تشابه الشخصيات بين الكلب وصاحبه ليس محض مصادفة. فالعلاقة الوثيقة التي تربط الإنسان بكلبه قادرة على ترك أثر عميق في سلوك الحيوان وطباعه على حدٍ سواء.

لماذا تختلف شخصية كلب عن آخر؟
شخصية الكلاب تتكوّن من مزيج معقّد من العوامل الوراثية والبيئية. لكن إلى أي مدى يحدّد كلّ منهما سلوك الكلب النهائي؟
العامل الوراثي: ما يُولد به الكلب
انتقاء السلالات على مر السنين جعل بعض الصفات – مثل الحراسة أو الرعي أو الصيد – أقوى لدى سلالات معيّنة. ومع ذلك، فإنّ توريث الصفات السلوكية لا يتمّ بالطريقة الحتمية نفسها التي تورَّث بها الصفات الجسدية؛ إذ تظلّ مساحة واسعة للتغيير مع الخبرة والتربية.
العامل البيئي: ما يكتسبه الكلب
البيئة المنزلية، وأسلوب التربية، ونمط الحياة، جميعها تلعب دورًا حاسمًا في صقل شخصية الكلب. فالتنشئة الاجتماعية المبكرة، ونوعية التدريب، ومدى تعرّضه للمثيرات، يمكن أن تغيّر سلوك كلبين من السلالة نفسها ليصبحا متناقضين تمامًا.

تشابه المشاعر بين المربّي والكلب: ماذا يقول العلماء؟
أظهرت دراسة أُجريت عام 2019 في جامعة “لينشوبينغ” السويدية أنّ مستويات هرمون الكورتيزول – المؤشّر الحيوي للضغط النفسي – ترتفع وتنخفض لدى الكلاب بالتوازي مع أصحابها على مدار اليوم. وتؤكّد دراسات أُخرى أنّ الكلاب تستطيع “قراءة” الوجه البشري ولغة الجسد والاكتساب منها، بل وتعكسها في سلوكها.
حين تشعر بالتوتر، يلتقط كلبك الإشارات الدقيقة في لغة جسدك ونبرة صوتك، فيُظهر بدوره قلقًا أو سلوكًا دفاعيًّا.

دراسات تؤكّد التشابه بين شخصية الكلب وصاحبه
- الانفتاح والاجتماعية: أصحاب الشخصيات المنفتحة يمتلكون كلابًا أكثر ميلًا للّعب والاكتشاف.
- العصابية والقلق: الأشخاص الذين يعانون مستويات عالية من القلق يميلون لاقتناء كلاب أكثر خوفًا أو حساسية.
- الضمير والانضباط: أصحاب الروتين الواضح والالتزام العالي يربّون عادةً كلابًا أكثر قابلية للتدريب وتجاوبًا للأوامر.

كيف تساعد كلبك على اكتساب شخصية إيجابية؟
- وفّر روتينًا ثابتًا: اعتمد أوقاتًا منتظمة للطعام، والتنزّه، وفترات الراحة؛ فالثبات يقلّل من القلق ويعزّز الشعور بالأمان.
- استخدم التدريب القائم على المكافأة: التعزيز الإيجابي يبني الثقة ويحفّز السلوك الجيّد، بعكس العقاب الذي قد يفاقم الخوف والعدوانية.
- اعتنِ بصحتك النفسية: تحسينك لمزاجك الخاص ينعكس مباشرةً على مزاج كلبك؛ خصّص وقتًا للاسترخاء وممارسة الرياضة.
- التنشئة الاجتماعية المبكرة: عرِّض الجرو منذ صغره لأشخاص وحيوانات وأصوات مختلفة بطريقة تدريجية وإيجابية.

متى يجب استشارة أخصائي سلوك حيواني؟
إذا لاحظت سلوكيات مقلقة مثل العدوان غير المبرّر، أو الخوف الشديد، أو أي تغيّر مفاجئ في الشخصية، فقد يكون من الضروري استشارة طبيب بيطري سلوكي أو مدرِّب مؤهّل. التدخّل المبكر يساعد في تجنّب تفاقم المشكلة ويوفّر للكلب ولصاحبه أدوات أكثر فاعلية للتعامل.

الخلاصة
الطبيعة تولد الأساس، لكن التنشئة تكتب التفاصيل. فشخصية كلبك ليست انعكاسًا لجيناته فحسب، بل مرآة دقيقة لمشاعرك وروتينك وطريقة تفاعلك معه. وكلما عملت على بناء بيئة إيجابية ومتوازنة لكليكما، زاد احتمال أن يصبح كلبك واثقًا، سعيدًا، ومتوافقًا مع العالم من حوله.